للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مقام نفسه؛ فكان كالوكيل عنه؛ فيلزم المُحال عليه حينئذٍ الدفع إليه.

ولا يُشترَطُ أيضاً رضا المُحتال؛ إنْ كان المُحال عليه مَليئاً؛ وهو الذي له قُدْرَةٌ على الوفاء وليس مُماطلاً، ويمكن حضوره لمجلس القضاء والحكم؛ فيجب عليه حينئذٍ أن يحتال؛ لظاهر قوله : (وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ)، ولأنَّ للمُحيل وفاء ما عليه من الحقِّ بنفسه وبمن يقوم مقامه، وقد أقام المُحال عليه مقام نفسه في إيفاء دَيْنِه، فلزم المُحتال القبول. فإن امتنع أُجبر على قبولها. وهذا من مفردات المذهب.

- فإن أحاله على غير مليء فلا يجب عليه أن يحتال إلَّا برضاه؛ لقول النبيِّ : (وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ)، ومفهومه: أنَّه إذا أحيل على غير مليءٍ لا يلزمه الاحتيال؛ كما لو أحاله على والده، أو أحاله على من هو في غير بلده؛ لأنَّه لا يمكنه إحضاره إلى مجلس الحكم. وكذا لو أحاله على مُماطِلٍ أو جاحِدٍ للحقٍّ، أو من لا يستطيع الوفاء؛ فلا يلزمه أن يحتال.

- وإن أحاله بغير رضاه على مليءٍ، ثمَّ ظهر أنَّه مُفْلِسٌ، فله أن يرجع بدَيْنِه على المُحيل؛ لأنَّ الفَلَسَ عيبٌ، وهو لم يرضَ به؛ كالمبيع إذا ظهر أنَّه معيب.

وكذا إنْ أحاله برضاه، لكنَّه اشترط مَلاءَةَ المُحال عليه، ثمَّ ظهر أنَّه غير مليءٍ، فله الرجوع عليه أيضاً. بخلاف ما لو أحاله برضاه، ولم يشترط مَلاءَةَ المُحال عليه، ثمَّ ظهر أنَّه غير مليءٍ، فليس له الرجوع على المُحيل؛ وذلك لتفريطه بترك اشتراطها.

- فإذا صحَّت الحوالة واجتمعت شروطها برئت ذمَّة المُحيل، وانتقل الحقُّ إلى ذمَّة المُحال عليه؛ فلا يملك المُحتال الرجوع عليه بحال؛ لأنَّ الحقَّ انتقل،