للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأمَّا الأوَّل: وهو الصُّلْحُ على جنس الحقِّ المقرِّ به: وذلك بأن يدَّعي عليه دَيْناً أو عَيْناً؛ فيقرُّ له بذلك، ثمَّ يصالحه عليه من جنسه.

مثاله: لو ادَّعى عمرٌو على زيدٍ أنَّ له عليه مائة دينار، أو أنَّ هذه الدار التي يسكنُها حقٌّ له؛ فيقرُّ له زيدٌ بذلك، ثمَّ يتصالحا على أنْ يُسقِطَ عنه من المائة خمسيناً، أو أنْ يهبَه نصف الدار؛ فيصحُّ ذلك بشرط أن يكون بلفظ الهِبَة؛ لأنَّ الإنسان

لا يُمنَع من إسقاط بعض حقِّه أو هِبَتِه؛ كما لا يُمْنَعُ من استيفائه.

ولا يصحُّ بلفظ الصُّلْح؛ إذْ المعاوضة عن الشيء ببعضه محظور؛ لأنَّ معناه: صالحني عن المائة بخمسين؛ أي: بعني، وذلك غير جائز؛ لأنَّه رباً، وهضم للحقِّ، وأكل مالٍ بالباطل.

وأما الثَّاني: وهو الصُّلْح على غير جنس الحقِّ المقرِّ به: وذلك بأن يدَّعي عليه دَيْناً أو عَيْناً؛ فيقرُّ له بذلك، ثمَّ يصالحه عليه من غير جنسه ممَّا يجوز التعويض به.

مثاله: لو ادَّعى عليه مائة دينار دَيْناً، أو أنَّ هذه الدَّار التي يسكنها حقٌّ له، فيُقرُّ المدَّعَى عليه بذلك، ثمَّ يتصالحا على أن يعطيه عِوَضاً عن المال ثوباً، أو أرضاً، أو أن يعطيه عِوَضاً عن الدَّار بستاناً، أو أرضاً، أو مالاً، ونحو ذلك؛ فيصحُّ ذلك بلفظ الصُّلْح، ويكون بيعاً، وتجري فيه أحكام البيع وشروطه.

ومن صور ذلك ما يلي:

١) أن يصالحه عن الدَّيْن بعَيْنٍ، ويتَّفقا في علَّة الربا؛ كما لو صالحه عن الذهب بفضَّة، أو عن الفضَّة بذهب؛ فيصحُّ الصلح، لكن بشرط أن يكون قبض العِوَض في مجلس العقد؛ لأنَّ هذه المصالحة من باب الصَّرْف؛ لأنَّها بيعُ أحد النقدين بالآخر؛