للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القسم الثَّالث: ما يجوز التقاطُه، ويُملَك بالتعريف المعتبر شرعاً:

وهو كلُّ ما سوى القسمين السابقين؛ كالذَّهب والفِضَّة، والثياب، والأواني، والكتب، وما لا يمتنع عن صغار السِّباع؛ كالغنم، وولد الناقة، وولد البقرة، والطيور التي لا تطير؛ كالإوَزِّ، والدجاج؛ فهذه يجوز التقاطها إذا كان المُلتَقِطُ أميناً، وقادراً على تعريفها؛ لما جاء في حديث خالد الجهني قال: (سُئِلَ رَسُولُ اللهِ عَنْ اللُّقَطَةِ؛ الذَّهَبِ أَوْ الْوَرِقِ؛ فَقَالَ: اعْرِفْ وِكَاءَهَا، وَعِفَاصَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً؛ فَإِنْ لَمْ تَعْرِفْ فَاسْتَنْفِقْهَا، وَلْتَكُنْ وَدِيعَةً عِنْدَكَ؛ فَإِنْ جَاءَ طَالِبُهَا يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ؛ فَأَدِّهَا إِلَيْهِ. وَسَأَلَهُ عَنْ ضَالَّةِ الْإِبِلِ؛ فَقَالَ: مَا لَكَ وَلَهَا، دَعْهَا؛ فَإِنَّ مَعَهَا حِذَاءَهَا، وَسِقَاءَهَا، تَرِدُ المَاءَ، وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ، حَتَّى يَجِدَهَا رَبُّهَا. وَسَأَلَهُ عَنْ الشَّاةِ؛ فَقَالَ: خُذْهَا؛ فَإِنَّمَا هِيَ لَكَ، أَوْ لِأَخِيكَ، أَوْ لِلذِّئْبِ) [أخرجه مسلم].

- والأفضل له مع أمانته وقدرته على التعريف ترْكُها؛ لما جاء عن عبد الله بن دينار قال: (قُلْتُ لابْنِ عُمَرَ: وَجَدْتُ لُقَطَةً، قَالَ: وَلِمَ أَخَذْتَهَا؟) [أخرجه ابن أبي شيبة]، وعن ابن عبَّاس قال: (لَا تَرْفَعْهَا مِنَ الأَرْضِ؛ فَلَسْتَ مِنْهَا في شَيْءٍ) [أخرجه ابن أبي شيبة، بإسناد ضعيف]، ولأنَّ فيه تعريض نفسه لأكل الحرام، وتضييع الواجب من تعريفها، وأداء الأمانة فيها؛ فكان ترْكُها أَوْلى وأسلم.

- أمَّا إن كان لا يأمن نفسه عليها؛ فلا يجوز له أخذها بحال؛ لما فيه من إضاعتها على ربِّها؛ كما لو أنَّه أتلفها، أو نوى كتمانها. فإنْ أخذها ضَمِنَها إن تلفت، ولو بغير تفريط؛ لأنَّه أخذ مال غيره على وجه لا يجوز له أخذُه؛ فكان كالغاصب.

- وإن كان عاجزاً عن تعريفها؛ فلا يجوز له أخذها أيضاً، ولو بنيَّة الأمانة؛ لأنَّه