للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن النَّبي قال: (الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ) [أخرجه البخاري، ومسلم].

إلَّا إذا كان الواهب هو الأبُ، فيجوز له الرجوع في هبته لوَلَدِه؛ سواء قصد برجوعه التَّسوية بين أولاده أم لا؛ لحديث ابن عمرَ وابن عبَّاسٍ أنَّ النَّبيَّ قال: (لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً، أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا، إِلاَّ الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ) [أخرجه أحمد، وأبو داود، والتَّرمذي، والنَّسائي، وابن ماجه].

لكن يُشترَطُ لرجوع الأب في هِبَتِه لوَلَدِه أربعة شروط:

الشَّرط الأوَّل: أنْ لا يُسقط حقَّه في الرُّجوع؛ فإن أسقطه سقط؛ كما لو قال: وَهَبْتُ هذه السيَّارة لوَلَدِي فلان، وليس لي الحقُّ في الرجوع فيها؛ لأنَّ الرجوع حقٌّ له وقد أسقطه.

الشَّرط الثَّاني: ألَّا تزيد زيادة متَّصلة؛ فإن زادت زيادة متَّصلة؛ كما لو وهبه ناقة فسَمِنَت، أو نخلة فكبرت، لم يكن له الرجوع؛ لأنَّ الزِّيادة صارت للموهوب له؛ لأنَّها نماء مِلكه، ولم تنتقل إليه من جهة أبيه، فلم يملك الأب الرُّجوع فيها. وهذا بخلاف الزِّيادة المنفصلة فإنَّها لا تمنع رجوع الأب في هبته؛ كما لو وَهَبَ وَلَدَه ناقةً فوَلَدَت عنده، أو وَهَبَهُ نَخْلاً فأَثْمَرَ وجَذَّه الوَلَد؛ لأنَّ الرُّجوع في الأصل دون النَّماء.

الشَّرط الثَّالث: أنْ تكون باقية في مِلك الولد؛ فإن خرجت عن مِلكه؛ كما لو باعها، أو وَهَبَها، أو وَقَفَها ونحو ذلك، لم يكن للأب الرجوع حينئذٍ؛ لأنَّ الرجوع فيها بعد خروجها عن مِلكه إبطال لمِلك غيره.

الشَّرط الرَّابع: أنْ لا يرهنها الولد؛ فإنْ رهنها، لم يكن للأب الرُّجوع فيها؛ لأنَّ في رجوعه إبطالاً لحقِّ المرتهن وإضراراً به، وهو ممنوع شرعاً.