للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(اتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا فِي أَوْلَادِكُمْ. قال النُّعمان: فَرَجَعَ أَبِي فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ) [أخرجه مسلم]. وفي لفظ قال: (لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ) [أخرجه البخاري].

فَدَلَّ هذا على وجوب العدل بينهم في العطيَّة؛ إذْ سمَّى النبيُّ التخصيص جَوْراً، والجَوْرُ حرامٌ. وقِيسَ الأقارب على الأولاد؛ بجامع القرابة.

ويكون التعديل الواجب بإعطائهم بقَدْر إرثهم منه؛ فيجعل للذكر مثل حظ الأنثيين؛ اقتداءً بقِسمة الله تعالى، وقياساً لحالة الحياة على حالة الموت. قال عطاء: «فَمَا كَانُوا يَقْسِمُونَ إلَّا عَلَى كِتَابِ اللهِ تَعَالَى» [أخرجه عبد الرزَّاق].

فإنْ خصَّ بعضهم بالعطيَّة، أو فضَّله في الإعطاء، أو زوَّج أحدهم دون إذن الباقي، فإنَّه يأثم بذلك؛ لحديث النُّعمان السَّابق، وفيه: (لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ).

ويجب على الأب فقط الرجوع، دون الأمِّ وغيرها؛ كالجَدِّ، والابنِ، والإخوةِ، والأعمامِ، فلا يجب عليهم الرجوع؛ لأنَّ الأب له ولاية على ولده، وقد يحوز جميع المال في الميراث، بخلاف الأمِّ وغيرها.

ووجوبُ رجوع الأبِ مقيَّدٌ بما إذا أمكن ذلك؛ بأنْ كانت العطيَّة باقية وقَدِرَ على استرجاعها، أو يعطي الباقين حتَّى يستووا بمن خصَّه أو فضَّله؛ لحديث النُّعمان: (اتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا فِي أَوْلَادِكُمْ).

فإنْ مات الواهب أو المعطي قبل أن يُسوِّي بينهم، ولم تكن عطيَّته تلك في مرض موته المخُوف، فإنَّها تثبت للذي خُصَّ أو فضِّل بها؛ فلا يشاركه فيها بقيَّة الورثة؛ لحديث الصِّديق -السابق- في هبته لعائشة : (فَلَوْ كُنْتِ جَدَدْتِيهِ وَاحْتَزْتِيهِ كَانَ لَكِ).