للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمَّا إنْ كانت العطيَّة في مرض موته فإنَّها تكون حينئذٍ موقوفةً على إجازة الورثة؛ فإن أجازوها ثبتت لمن خَصَّه وإلَّا فلا؛ لأنَّها في حكم الوصيَّة. وقد قال النبيُّ : (إِنَّ اللهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ؛ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ) [أخرجه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه].

وهذا ما لم يجعلها الواهب أو المعطي وقفاً عليه؛ فإن جعلها وقفاً عليه فإنَّها تصحُّ؛ لحديث عمر في وقفه؛ حيث قال: (هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ عَبْدُ الله عُمَرُ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ إِنْ حَدَثَ بِهِ حَدَثٌ: أَنَّ ثَمْغًا، وَصِرْمَةَ ابْنَ الأَكْوَعِ، وَالْعَبْدَ الَّذِي فِيهِ، وَالْمِائَةَ سَهْمٍ الَّتِي بِخَيْبَرَ، وَرَقِيقَهُ الَّذِي فِيهِ، وَالْمِائَةَ الَّتِي أَطْعَمَهُ مُحَمَّدٌ بِالْوَادِي، تَلِيهِ حَفْصَةُ مَا عَاشَتْ، ثُمَّ يَلِيهِ ذُو الرَّأْي مِنْ أَهْلِهَا؛ أَنْ لَا يُبَاعَ وَلَا يُشْتَرَى، يُنْفِقُهُ حَيْثُ رَأَى مِنَ السَّائِلِ، وَالمَحْرُومِ، وَذِي الْقُرْبَى … ) [أخرجه أبو داود]. فعلَّقه بالموت، وجعل من جملة الموقوف عليهم ذوي القربى. ولأنَّ الوقف لا يُباع، ولا يورث، ولا يملكه الورثة؛ فكان للموقوف عليه دون غيره. وتنفُذ له العطيَّة حينئذٍ إذا كانت في حدود الثُّلث؛ كما في الوصيَّة.

سابع عشر: عَطِيَّةُ المريضِ:

المريضُ لا يخلو من حالين:

الحال الأُولَى: أن يكون مرضه غير مرض الموت؛ بأنْ لا يكون مرضه سبباً صالحاً للموت عادة؛ كالصُّداع، ووجع الضِّرس، ومغص البطن، والرَّمد، والحمَّى اليسيرة، والإسهال اليسير من غير دمٍ ونحو ذلك، فهبته وتبرعه والحالة هذه نافذ في جميع ماله؛ كالصَّحيح؛ لأنَّ مثل هذه الأمراض لا يخشى منها في العادة. حتَّى لو مات