- فإن قال:«نعم، لي عليه بيِّنةٌ». قال له القاضي:«إن شئت فأحضرها». فإن أحضرها المدَّعِي بين يدي القاضي وشَهِدَت عنده، سَمِعَها وجوباً.
ويحْرُم عليه طلب إعادة الشهادة. كما يُكره له زَجْر الشَّاهِدَيْن، أو طلب زَلَّتهما؛ لأنَّ ذلك ربما حَمَلَهُما أو غيرهما على كتمان الشَّهادة وعدم أدائها؛ فتضيع الحقوق.
- فإنِ اتَّضح له الحُكْم، ولم يأتِ المدَّعَى عليه بقادحٍ في البيِّنة، وكان الحقُّ لآدميٍّ مُعَيَّنٍ، وسأله الحُكْمَ، لَزِمَه الحُكْم في الحال؛ ولا يجوز له تأخيره؛ لما فيه من تأخير الحقِّ عن موضعه.
وإن كان الحقُّ لغير مُعَيَّنٍ؛ كما لو كان وصيَّةً أو وَقْفاً على الفقراء، أو كان الحقُّ لله تعالى؛ كالحدود والكفَّارات، ونحو ذلك؛ فإنَّه يَحكُم إذا اتَّضح له الحُكْم، وإن لم يسأله أحدٌ ذلك.
* إذا لم يكن للمدَّعِي بيِّنة:
- إذا قال المدَّعِي:«ليس لي بيِّنة»، أو أَتَى ببيِّنة وظهر فِسْقُها، قال له القاضي:«ليس لك على غريمك إلَّا اليمين»؛ لحديث وائل بن حُجْر السابق؛ وفيه:(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لِلْحَضْرَمِيِّ: أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَلَكَ يَمِينُهُ. قَالَ: يَا رَسُولَ اللّاهِ؛ إِنَّ الرَّجُلَ فَاجِرٌ لَا يُبَالِي عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ يَتَوَرَّعُ مِنْ شَيْءٍ. فَقَالَ: لَيْسَ لَكَ مِنْهُ إِلَّا ذَلِكَ). ولأنَّ الأصل براءة ذِمَّته.