للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلا يصحُّ بيعُ ما لا نفعَ فيه؛ كالحشرات، أو ما فيه نفعٌ محرَّمٌ؛ كالخمرِ، والخنزيرِ، أو ما لا يباح إلَّا عند الاضطرار كالميتة؛ لقول النّبيِّ : (إِنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الخَمْرِ، وَالمَيْتَةِ، وَالخِنْزِيرِ، وَالأَصْنَامِ) [متّفق عليه]، أو ما لا يُباح اقتناؤُه إلَّا لحاجةٍ؛ كالكلبِ؛ لحديث أبي مسعود الأنصاريِّ : (أَنَّ رَسُولَ اللهِ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ … ) [متّفق عليه].

أمَّا السُّمُّ المُستخرَجُ من الحشائش والنباتات؛ فإنْ كان لا يُنتَفَعُ به، أو كان يقتلُ قليلُه، لم يجز بيعُه؛ لعدم نَفْعِهِ. وإنِ انتُفِعَ بِهِ، وأمكن التداوي بيَسيرِه، جازَ بيعُهُ؛ لأنَّه طاهرٌ مُنتَفَعٌ به؛ فأشبه بقيَّة المأكولات.

الرَّابع: أن يكون المبيعُ مملوكاً للبائع وقتَ العقد، أو مأذوناً له في بيعه من المالك، أو من الشَّارع: كالوكيل، ووليِّ الصبيِّ. فلو باع ما لا يملكه؛ لم يصحَّ البيعُ؛ لقوله : (لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ) [رواه أحمد، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، والنّسائيُّ، وابن ماجه].

فلا يصحُّ بيعُ الفضوليِّ -وهو: من يبيعُ مالَ غيرِه-، ولا شراؤه، ولو أُجيزَ بعد ذلك؛ لأنّه غيرُ مالكٍ، ولا مأذوناً له في البيع وقتَ العقدِ. إلَّا في حالة واحدة، وهي: إذا اشترى الفضوليُّ في ذمَّته -لا بعَيْنِ مالِه-، ونَوَى الشراءَ لشخصٍ لم يُسمِّه في العقد، ثمُّ يُجيزُه الذي اشتراه له؛ فيصحُّ شراؤه في هذه الحالة. فإنْ لم يُجزْه الذي اشترى له لزم المشتري الفضوليَّ أخذه لنفسه.

وفي رواية أخرى: يجوزُ بيعُ الفُضوليِّ وشراؤه، إذا أجازه المالك بعد ذلك؛ لحديث عُرْوَةَ البارقيِّ : (أَنَّ النَّبِيَّ أَعْطَاهُ دِينَارًا يَشْتَرِي لَهُ بِهِ شَاةً، فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، وَجَاءَهُ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ، فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي