للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكون من العامل؛ فكذلك هنا؛ يكون البذر من ربِّ الأرض والعمل من العامل.

والرواية الثَّانية: أنَّه لا يشترط كون البذر من ربِّ الأرض؛ فيجوز أن يكون من العامل؛ لأنَّ الأصل المعوَّل عليه في المزارعة قضية خيبر، ولم يذكر النبيُّ فيها أنَّ البذر على المسلمين، ولو كان ذلك شرطاً لذكره، ولنُقل إلينا، لكن ذلك لم يحصل. بل جاء في بعض روايات الحديث ما يدل على أنَّه جعل البذر عليهم؛ قال ابن عمر: (دَفَعَ النبيُّ إِلَى يَهُودِ خَيْبَرَ نَخْلَ خَيْبَرَ وَأَرْضَهَا عَلَى أَنْ يَعْتَمِلُوهَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَلِرَسُولِ الله شَطْرُ ثَمَرِهَا) [أخرجه مسلم].

- ومن الصور الجائزة أيضاً في المزارعة: أنَّ تكون الأرض والبذر والبقر -أي بقر العمل، أو آلة العمل- من أحدهما، والعمل من الآخر؛ قياساً على المضاربة؛ إذِ المزارعة عقدٌ على العمل في أرضٍ ببعض نمائها، فأشبهت المضاربة، والمعاملة في المضاربة قائمة على كون رأس المال كلّه من أحدهما، والعمل من الآخر؛ فكذا هنا؛ رأس المال (الأرض، والبذر، وآلة العمل) من أحدهما، والعمل من الآخر؛ فصحَّت.

الشرط الثَّالث: أن يُشْرَطَ للعاملِ جزءٌ مشاعٌ معلومٌ ممَّا يخرج من الزرع؛ كرُبْعِه أو ثُلُثه أو نصفه، ونحو ذلك؛ فلو كان نصيب العامل مجهولاً؛ كما لو قال له: ازرع هذه الأرض ولك بعض الزرع، أو بعض الغلَّة؛ لم تصحَّ؛ للجهالة والغَرَر؛ إذ كيف يقتسمان الغلَّة ونصيب كلٍّ منهما مجهول؟

وكذا لو كان نصيب العامل غير مشاع؛ بأن حدَّده له فقال: ازرع هذه الأرض