بمجرَّده. ولا ينفسخ برجوعٍ ولا بإقالةٍ ولا بغير ذلك؛ لأنَّه عقد يقتضي التأبيد.
ولا يصحُّ بَيعُه، ولا هِبَتُه، ولا رَهْنُه، ولا إِرْثُه، ولا إبْدالُه -ولو بخيرٍ منه-؛ لحديث عمر ﵁ السابق-، وفيه:(فَتَصَدَّقَ عُمَرُ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا، وَلَا يُوهَبُ، وَلَا يُورَثُ).
إلَّا إذا تعطَّلت منافعه المقصودة به بالكُلِّيَّة؛ بحيث أصبح لا يُنتفع به لخرابٍ أو غيره؛ كما لو انهدمت العمارة الموقوفة، أو المدرسة الموقوفة، أو خرِبت الأرض الموقوفة للزراعة، ولا يوجد فِي رِيع الوقف ما تُعمَّر به، أو كان الموقوف مسجداً، وتعذَّر الانتفاع به؛ بأنْ ضاق على أهله؛ وتعذَّرت الصَّلاة فيه، ولا يُمكن توسعته، أو كان المسجد في بلدةٍ فخرِبت ولم يبق فيها ساكنٌ، بل أصبحت مزارع وبساتين -مثلاً-، أو صار موضعه قذراً، ولا يمكن الصَّلاة فيه، ونحو ذلك؛ فحينئذٍ يجب بيع الوقف؛ لأنَّ عمرَ ﵁ كتب إلى ابن مسعودٍ ﵁ لما بلغه أنَّ بيت المال الذي في الكوفة نُقِب-: (أَنِ انْقُلِ المَسْجِدَ، وَاجْعَلْ بَيْتَ المَالِ مِمَّا يَلِي القِبْلَةَ؛ فَإِنَّهُ لَا يَزَالُ في المَسْجِدِ مَنْ يُصَلِّي. فَنَقَلَهُ عَبْدُ الله)[أخرجه الطبراني في الكبير]؛ فقد أمره عمرُ ﵁ بنقله من مكانه؛ فدلَّ على جواز نقل الوقف من مكانه وإبداله بمكان آخر، وهذا معنى البيع. ولأنَّ الوقف مؤبَّد، فإذا لم يمكن تأبيده بعينه استبقينا الغرض منه؛ وهو الانتفاع على وجه الدَّوام في عينٍ أخرى.
ويُشترى بثمنه مِثْلَه إن أمكن؛ فتُشترَى عمارة أخرى، أو مدرسة أخرى، أو أرض أخرى لتزرع، أو أرض ليقام عليها مسجد آخر، ونحو ذلك؛ لأنَّ في إقامة البدل مقامه تأبيداً له، وتحقيقاً للمقصود منه. فإنْ لم يمكن شراء مثله؛ فبعض مثله؛