للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الإخلاص لله سبحانه وتعالى]

وأول قضية لها أهميتها: الإخلاص لله سبحانه وتعالى: أنت إما أن تدرس دراسة شرعية أو علوماً أخرى غير شرعية، فإذا كنت تدرس دراسة شرعية فأنت تتعلم علماً شرعياً، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا لم يجد عرف الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا).

فلابد أن تجتهد في تصحيح نيتك، وافترض أنك دخلت ابتداءً لأجل تحصيل الشهادة، فإن هذا لا يحول بينك وبين تصحيح نيتك، حتى تكون نيتك هي طلب العلم الشرعي الذي ينفعك الله سبحانه وتعالى به في دينك ودنياك، فتتعلم العلم الشرعي الذي تستطيع أن تعبد الله به كما أمرك، ويمكن أن تنفع به الأمة.

قد يقول شخص آخر: أنا لا أدرس دراسة شرعية، فما معنى الإخلاص في ذلك؟ فنقول: حتى الطالب الذي لا يدرس دراسة شرعية، فإن الأمة تحتاج إلى طاقات في كافة التخصصات، ونحتاج إلى الناس الأخيار في كل مكان، فهذا الطالب نريد منه أن يجعل نيته أن يخدم الأمة، لا أن يلقى قيمة اجتماعية ومعاملة خاصة.

فأنت عندما تدرس أي تخصص من دراسات عسكرية، أو علم طب، أو هندسة، أو حاسب آلي، أو علوم إنسانية، أو أدب، أو لغة، فأي تخصص نحتاج إليه، والأمة بحاجة إلى جهود أبنائها، فاحرص على أن تكون نيتك أن تنفع الأمة وتخدمها.

ثم إن الإخلاص لا يؤثر نقصاً، فإذا كان عندي طالبان يدرسان، هذا مخلص لله وهذا غير مخلص، فالنتيجة واحدة، كل منهما سيحصل على شهادة، وعلى مزايا مالية، ولن يكتب في شهادتك مثلاً: طالب مخلص، وطالب غير مخلص، فهذه أمور بينك وبين الله عز وجل.

ولا تتصور أنك عندما تخلص لله ستفقد هذه المزايا المادية التي يتطلع إليها الناس، بل أنت عندما تخلص لله في أي عمل ستحصل على نفس المزايا التي يحصل عليها الآخرون، لكن تزيد أن عملك هذا يكون عبادة لله، فتدخل تحت قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع)، (ومن سلك طريقاً يلتمس به علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة).

وكلما يصيبك من تعب، وتبذل من جهد في الاستذكار والامتحانات، تثاب عليه نظراً لأنك تبتغي وجه الله، سواء كنت تدرس علماً شرعياً، أو علماً آخر.

وحذار -يا إخوان- من التطلع إلى الشهرة، ومما يؤسف أن النظرة الاجتماعية الخاطئة لا تزال موجودة إلى الآن، فعندما يأتي الطالب متفوقاً يظنون أنه من الخطأ أن يتجه إلى دراسات شرعية، ويرون أن مكانه في كلية الطب، أو كلية الهندسة، أو غيرها من التخصصات الأخرى، فلا تزال النظرة للعلم الشرعي دون ما ينبغي.

بل أنا أقول: المفروض أن المستويات العالية من النبوغ تتوجه إلى الدراسات الشرعية، لأن الأمة أحوج ما تكون إلى هؤلاء العلماء، وليس صحيحاً أن العلم الشرعي يصلح لأي إنسان، فنحن نحتاج إلى عالم يحمل قدرة على الاجتهاد، وقدرة على تنزيل النصوص على الوقائع، وقدرة على الربط بين الأحكام الشرعية وواقع الأمة.