كذلك أحياناً من الأساليب عدم وجود الثمرة: بعض الناس يرى أنه لم يثمر، يرى أنه عمل ولم ينتج، أو يرى أن هذا العمل أصلاً غير منتج، إما أنه يفترض أنه غير منتج وهو ما دخل فيه إلى الآن، أو أنه قد عمل عملاً ولم ير له نتيجة، فنقول: أولاً: هذا ليس صحيحاً أبداً وهي قضية يدركها الجميع، فإن كل مجال من مجالات الدعوة نتائجه -ولله الحمد- ظاهرة وبارزة، يدركها الجميع.
ثانياً: هب أنك لم تنتج، هب أنه لم يحصل ثمرة، هل أنت مكلف بهذه النتيجة؟ هل أنت مكلف بهداية الناس، ومحاسب عند الله كم يهتدي على يديك من إنسان، وكم يترك المعصية لأجلك من إنسان؟ أم أنك محاسب على القيام بهذا الواجب؟ فالتكليف ليس عائداً على أن يهتدي على يديك فلان أو فلان من الناس؟ وهل أنقذت فلاناً أو فلاناً من الناس؟ بل التكليف عائد على: هل قمت بهذا الواجب أم لا فقط؟ ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم:(يأتي يوم القيامة النبي وليس معه أحد، والنبي ومعه الرجل والرجلان).
إذاً هذا النبي لم يكن لدعوته ثمرة ظاهرة أمامه في الدنيا، ولكن هل يعني هذا نقصاً من حقه؟ بل هذا النبي أفضل من الدعاة الذين يهتدي على يديهم الآلاف؛ لأن هذا نبي رسول وأولئك من عامة الناس، فليست العبرة فيما أنتجت، وكم اهتدى على يديك؟ بل العبرة: هل قمت بالواجب الشرعي أم لا؟ مع أنه لا يوجد عمل يقوم به أي إنسان إلا ويرى ثمرته ظاهرة، وهذا من عاجل بشرى المؤمن، ومن رحمة الله بنا أن نرى الثمرة أمامنا عاجلة، وإلا فإن الثمرة الحقة هي ما نراه عند الله سبحانه وتعالى، ونحن لا نقول لأي إنسان: طهّر المجتمع من المنكرات، أو اهد فلاناً أو فلاناً نقول فقط لكل إنسان: قم بواجبك فقط، ولا يهمك بعد ذلك أن تنجح الدعوة أو لا تنجح، أو أن يزول المنكر أو لا يزول، هذا أمر بيد الله سبحانه وتعالى، ثم بعد ذلك أنت إذا رأيت نتيجة عملك محدودة فبإمكانك أن تعيد النظر، قد يكون أسلوبك خاطئاً، قد يكون عملك غير دقيق، قد يكون هناك طريقة أخرى أفضل من تلك الطريقة التي سلكتها.