النقاش والحوار الهادئ بين الطرفين، فسنرى أن الشاب غير الملتزم سيطرح عوائق وعقبات يراها أمامه في طريق الالتزام، فيساهم صاحبه وأخوه في تذليل هذه العقبات، والإجابة على هذه التساؤلات، وإعانته عليها، ونرى في المقابل الشاب غير الملتزم سيطرح بعض الانتقادات، وبعض العيوب التي يرى أن أخاه وزميله الملتزم يقع فيها، فتكون مدعاة لتوضيح الرؤية، ووضوح الصورة، ومدعاة لتصحيح الأخطاء أيضاً.
إن هذا النقاش وهذا الجدل حين يكون بالتي هي أحسن، وحين نفتح حلقات للحوار والنقاش في المدرسة، وفي الشارع، وفي المنزل، وفي كافة اللقاءات، فسنستفيد جميعاً، ولو على الأقل أن تقترب وجهات النظر، ولو على الأقل أن يكون هذا النقاش وحده مساهماً في تحطيم هذا الحاجز، وحين يكون هناك نقاش فينبغي ألا يتحول إلى محاكمة وجدل، وحين نتناقش نحن، ونتخيل أننا في ساحة المحكمة، فستكون ثمرة النقاش مرة، وستكون النتيجة معاكسة.
حين أقف أنا وأنت، فأقول: إنك تفعل كذا، فتتهمني بكذا، وأتهمك بكذا، ويصبح كل منا شأنه أن يبحث عن تهمة يلصقها بصاحبه، وشأنه أن يبرر تهمته، حين نسلك هذا المنهج فلن نفلح، ولن يؤتي النقاش ثمرته إلا حين يكون كما قال الله عز وجل:{بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[النحل:١٢٥].
ومعنى (بالتي هي أحسن) أن نكون واضحين، وأن نكون صرحاء، وأتحدث لك عن خطئك بوضوح وصراحة، ومع ذلك فالصراحة ليست مبرراً لسوء الأدب، فمع الصراحة والوضوح أتحدث معك بأدب، ويتطلب مني أيضاً أن أعترف بأخطائي وعيوبي، وأن أكون واضحاً صريحاً مع نفسي ومعك.
وحين يفتقد النقاش ويفتقد الحديث هذا الشرط فلن يجدي، ولن ينتج الثمرة، بل لعله يزيد في افتعال الهوة، بل لعله أن ينتج لنا الثمرة المرة.