بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله.
أما بعد: فلعله من طيب الفأل أن يتكرر لقاؤنا في مبدأ هذه الإجازة، وأظن أنا التقينا في مبدأ الإجازة الماضية في هذا المركز الصيفي ثانوية العز بن عبد السلام بالرياض في محاضرة كانت بعنوان:(كلانا على خير)، وكما ذكرنا في العام الماضي إن كنتم تتذكرون أن الدروس التربوية الشهرية التي كانت تلقى أثناء العام الدراسي تتوقف وتوزع في الإجازة على بعض المراكز أو المساجد، وهذا هو الدرس الأول في هذه الإجازة وكان آخر درس بعنوان:(وأنكحوا الأيامى منكم).
معشر الإخوة الكرام ليس غريباً أن نتحدث عن الأخطاء ونتحدث عن علاجها، وليس غريباً أن يتحدث أي متحدث عن الأخطاء سواء أكان حديثه من خلال منهج منضبط أم غير ذلك، ومن يتحدث عن الأخطاء لابد أن يجد أمامه رصيداً ضخماً؛ لأن البشر أياً كانوا، أياً لابد أن يقعوا في الخطأ والذنب فضلاً عن الخطأ الآخر الذي ليس إثماً ولا ذنباً إنما هو من قبيل الاجتهاد الذي يؤجر عليه صاحبه.
إذاً: فما دام الخطأ صفة ملازمة للبشر فإننا بحاجة إلى الحديث عن منهج علاج الأخطاء، وما دمنا نرى الأخطاء أمام ناظرينا فنحن بحاجة إلى أن نضبط المنهج حتى لا نقع في الخطأ ونحن نعالج الخطأ، وأمامي عدة أخطاء أشعر أننا جميعاً نقع فيها ونحن نعالج الأخطاء سواء كانت أخطاء أنفسنا فالمرء يدرك الخطأ والتقصير من نفسه ويسعى إلى تصحيحه وعلاجه، أو كانت أخطاؤنا في الميادين التربوية من خلال الأسرة أو من خلال المدرسة أو من خلال أي مؤسسة تربوية، فهي لابد أن تكتشف أنها تقع في الخطأ ومن ثم كانت بحاجة إلى أن تترسم معالم منهج واضح منضبط في علاج الأخطاء والتعامل معها.
ونحن أيضاً بحاجة إلى انضباط المنهج في التعامل مع الأخطاء في علاج أخطائنا العامة التي تقع في مجتمعاتنا والتي نسعى إلى علاجها، ونحن نقول هذا لأننا نرى جميعاً أننا نرتكب أخطاء باسم علاج الخطأ، وباسم التصحيح، وربما كان هذا الخطأ أكثر شناعة وأكثر خطأً من الخطأ الأول، وذلك راجع إلى افتقاد المنهج، إن من يسعى إلى تصحيح الخطأ قد يتصور أن حسن مقصده وسلامة نيته كاف في انضباط منهجه، فيرى أنه ما دام يريد الإصلاح والنصح فهذا وحده كاف في أن يرفع عنه اللوم، وهذا يؤهله أن يقول ما يشاء وأن يفعل ما يريد وأن يرتكب ما يحلو له باسم تصحيح الخطأ، ولئن كانت النية الحسنة وحدها ليست كافية في سلامة أي عمل وأي قول فهي كذلك أيضاً في تصحيح الخطأ.
ومن ثم كنا بحاجة إلى الحديث عن منهج تصحيح الأخطاء، وإلى الوقوف عند بعض أخطائنا التي نقع فيها ونحن نعالج الأخطاء، وربما كانت أكثر خطأً من الخطأ الذي حاولنا علاجه وإزالته.
وسنطوف في هذه القضايا أمام ميدان واسع رحب، فسنتحدث تارةً عن أخطاء أنفسنا، وتارة عن علاج الأخطاء التي تقع في المؤسسة التربوية الأولى (الأسرة)، وتارة في الأخطاء التي تقع في المؤسسات التربوية الأخرى كالمدرسة وغيرها، وتارة نتحدث عن المجتمعات وعن الصحوة، ولا جامع لهذا الحديث إلا أنه حديث عن الأخطاء لمعالجة الأخطاء.