للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحذر من اليأس من المدعوين]

ثانياً: اليأس داء قاتل: قد توجه النصيحة، وقد تبذل الجهد، ثم لا يستجاب لك؛ فتيأس، نحن نريد منك أن تكون كما كان نوح عليه السلام، يقول في دعائه لما دعا على قومه: {وَلا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} [نوح:٢٧].

إنه لما يئس يأساً تاماً من قومه أصبح يؤمل في أولادهم، حتى يئس من أولادهم، فقال: {وَلا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} [نوح:٢٧]، وقد ظل يدعو قومه عليه السلام خمسين وتسعمائة سنة.

والنبي صلى الله عليه وسلم لما استأذنه ملك الجبال أن يطبق عليهم الأخشبين قال: (لا؛ لعل الله عز وجل أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله).

فأقول: لا تيأس أبداً، فلمجرد كلمة، أو كلمتين، أو نصيحة، أو جهد محدود تيأس وتقول: لم يستجب؟! يجب أن تأخذ من أنبياء الله ومن الدعاء السابقين العزيمة والإصرار والهدي الذي كانوا عليه، وهب أنه لم يستجب لك، وهب أنه لم يسمع لك، فلا تظن أبداً أن هذه الكلمة التي قلتها لله عز وجل ستذهب سدىً، فإن العبد قد يتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت، يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، أو يرفعه الله بها درجات.