ثانياً: هذا الحديث دعوة لأولئك الذين لما يزالوا على بنيات الطريق، دعوة لأولئك الذين لم يسلكوا هذا الطريق، أولئك الذين لا زالوا يسيرون في ركاب الغفلة والبعد عن الله تبارك وتعالى، فنقول لهم: هاهو الطريق، وهاهم هؤلاء قد سبقوكم فبادروا، فالميدان رحب واسع فسيح لا زال يتسع لكم ولأمثالكم، وأنتم طالما سمعتم الدعوة من خلال الترهيب من هذا المسلك السيئ الذي تسلكونه، ومن خلال التحذير من مغبة هذا الطريق المعوج الذي تسيرون عليه، لكن ربما كان ذكر بعض الجوانب المشرقة من الطريق الآخر الذي ندعوكم إليه، الطريق الذي سلكه أقرانكم، الذي سلكه أترابكم، ووفقهم الله تبارك وتعالى، بل أكرمهم عز وجل بسلوكه؛ إنكم حين تعرفون مزايا هذا الطريق، وحين تعرفون الجوانب المشرقة، وحين تعرفون تلك المنزلة التي يصلها أولئك الذين جانبوا الشهوات واللذات، الذين هجروا اللهو واللعب، وساروا في طريق الصالحين، ربما كان هذا دافعاً لكم أن تسيروا وأن تلحقوا بالقافلة.
كما أن الخطر يتهددكم حين تمضون على هذا الطريق المظلم، حين تمضون على طريق الضلال، كما أن الخطر يتهددكم حين تسيرون على هذا الطريق، فإن الطريق الآخر أمامكم، مفروش بالأضواء، الطريق أمامكم يدعوكم ويقول: هلموا فإن الطريق لا يزال يتسع لكم ولغيركم.