وآثرنا استخدام هذا المصطلح؛ لأنه هو المصطلح الذي يربط الناس بالألفاظ الشرعية، بالإيمان الذي دلت عليه النصوص المتظافرة المتواترة، فحين تقرأ في كتاب الله عز وجل أو سنة النبي صلى الله عليه وسلم كم تصادفك كلمة الإيمان! حيث تجد وصف الناس بالإيمان أو وصفهم بارتفاع الإيمان عنهم، أو الدعوة للإيمان، أو بيان أثر الإيمان ونتيجته وقيمته، لا يكاد يخطئك ذلك في أي آية من كتاب الله عز وجل تقرؤها، أو سنة النبي صلى الله عليه وسلم، بل كل ذلك إنما مداره على الإيمان؛ لأن الأمر الذي يؤمر به المرء أو الذي ينهى عنه من حكم، أو خلق، أو سلوك، والوعد والوعيد، والإخبار عن الهالكين والناجين، كل ذلك مرتبط بدائرة الإيمان، فحين يؤمر المرء بأمر فإنه يؤمر بمقتضى الإيمان ونتيجته، وحين ينهى عن أمر فانه ينهى عن ذلك بمقتضى إيمانه، وحين يأتي إخبار الله عز وجل عما أعد للصالحين الصادقين، فإن هذا إخبار عن جزاء أهل الإيمان ونتيجة الإيمان، وحين يخبر تبارك وتعالى عن عذاب المعرضين الغافلين، فهو إخبار عن عذاب أولئك الذين تنكبوا طريق الإيمان وضلوا عنه، وقصص الأولين والآخرين هي -أيضاً- قصص أولئك الذين أعرضوا عن الإيمان أو استجابوا للإيمان، كما قال تعالى:{فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}[يونس:٩٨]، فما قصه الله عز وجل إنما هو خير قرية آمنت فجازاها الله عز وجل بجزاء الدنيا والآخرة، أو قرية أعرضت عن الإيمان فعاقبها الله عز وجل وأخذها نكال الدنيا ونكال الآخرة.
أقول: آثرنا أن نستعمل هذا المصطلح، وأن نتحدث حول هذا اللفظ؛ لأنه المصطلح الذي جاء الشرع به، ودل الشرع عليه في نصوص القرآن والسنة وتواترت نصوص السلف في الحديث حول هذا الأمر كما سيأتي.
وقد يستعمل بعض الناس مصطلحات أخرى كالتربية الروحية أو غيرها، وهي مصطلحات بعضها إما موروث من أهل التصوف، وإما موروث من النصارى، وإما لفظ مستحدث، وكلما اقتربنا والتزمنا بالألفاظ الشرعية كان ذلك أولى.