للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أحوال الداعية أبلغ من أقواله]

أن الدعوة بالأحوال قبل الأقوال، وأن الدعوة الصامتة أبلغ من القول، فإن المرء يستطيع أن يدبج المقال، ويستطيع أن يحسن الحديث، ويستطيع أن يتفوه بما لا يعتقد، يستطيع المرء أن يزخرف القول ويزينه، لكن أن يكون ذلك المقال مصداقه حال هذا الرجل وفعله فهي صورة أخرى وحالة أخرى.

لقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس أن يحلقوا رءوسهم، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس أن ينحروا بدنهم كما مر معنا، وما كان أولئك الذين أمرهم صلى الله عليه وسلم بالذين هم يتلكئون عن الاستجابة لأمره، وهم أسرع الناس مبادرة للاستجابة لأمره صلى الله عليه وسلم وطاعته، لكن لم يكن ذلك الأمر أبلغ من حاله صلى الله عليه وسلم حين خرج وحلق شعره صلى الله عليه وسلم، ونحر بُدنه أمام الناس، فكان ذلك الفعل منه صلى الله عليه وسلم رسالة للناس للاستجابة له صلى الله عليه وسلم.

ولهذا حين سئلت إحدى زوجاته صلى الله عليه وسلم: أكان صائماً يوم عرفة؟ أرسل له صلى الله عليه وسلم بقدح لبن فشربه صلى الله عليه وسلم أمام الناس، فكان ذلك أبلغ دلالة لكل من حضر الموقف أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن صائماً.