رابعاً: وحتى في جوانب الفرد نحتاج إلى التكامل، ولأضرب على ذلك مثلاً: فالتربية العلمية بحاجة لأن تكون تربية متكاملة متوازنة، وهذا يعني أن تتنوع التخصصات وأن يتربى طالب العلم على أن يحمل رصيداً متكاملاً، وخلفية علمية متكاملة مما يحتاج إليه في مرحلته وسنه.
ويعني أيضاً أن يتعلم أدوات البحث ووسائل المراجعة، وألا يكون التعليم قاصراًً على مجرد شحن ذهنه بالمعلومات، وحين نمعن في مراجعة التربية المعرفية والعلمية وحدها نجد أن هناك شرخاً واضحاًً في هذا الجانب، فما بالكم بسائر الجوانب الأخرى.
وأختم الحديث عن الجانب الفردي بعبارة للحسن رضي الله عنه وكأنه يخاطب بها جيل الصحوة يقول: العالم على غير علم كالسالك على غير طريق، والعامل على غير علم يفسد أكثر مما يصلح، فاطلبوا العلم طلباً لا تضروه بالعبادة، واطلبوا العبادة طلباً لا تضروه بالعلم فإن قوماً طلبوا العبادة وتركوا العلم حتى خرجوا بأسيافهم على أمة محمد صلى الله عليه وسلم -يقصد بذلك الخوارج- ولو طلبوا العلم لم يدلهم على ما فعلوا.
إذاً: فحري بجيل الصحوة أن يتربى تربية متكاملة تعنى بالعبادة الحقة والصلة بالله عز وجل، وتعنى بالجانب العلمي والمعرفي، والجانب العملي والدعوي والتطبيقي، وأي تركيز في جانب على حساب بقية الجوانب إنما هو خلل تربوي ينتج تربية نشازاً قد نرى نتائجها المرة فيما بعد.