سابعاً: من مجالات الدعوة الصامتة: المواقف المتميزة التي تشكل صدى لدى معاصريها ومعايشيها، وتمتد بعد ذلك عبر أفق الزمن لتخترق حواجزه وتصبح منارة وضياء للأجيال، إنك لو تصفحت سير الصحابة فستجد عبارات الأمر بالصبر والوصية به، والأمر بالثبات على المبدأ وعلو شأن القضية عند أصحابها، لكن ذلك لن يكون مثل المواقف التي سطروها رضوان الله عليهم في الصبر على البلاء ومواجهة الأذى والمضايقة، فلا يزال في ذاكرة المسلمين أجمعين ما يردده الخطباء والمتحدثون من صور صبر بلال وعمار، وتضحية ياسر وسمية، وتحمل خباب وصهيب، لا يزال هؤلاء يتذكرون تلك الصور لأولئك الذين صبروا على الفتنة والمحنة، إنك تجد أقوالاً لأولئك في الأمر بالعبادة والاجتهاد في طاعة الله تبارك وتعالى، لكن هذه الأقوال لن تترك في نفسك أثراً أعظم من أثر سير القوم حين تقرؤها وتتمعنها، وهكذا تبقى المواقف الصادقة منارة للجيل يقرؤها المعاصرون، فيكون هؤلاء الذين وقفوا هذه المواقف دعاة للأمة بمواقفهم، ثم يبقون بعد ذلك دعاة للجيل من بعدهم.
هذه بعض مجالات الدعوة الصامتة، وجوانبها، أسأل الله عز وجل أن يجعلنا وإياكم من الدعاة لدينه إنه سميع مجيب.