للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الدلالات اللغوية والشرعية لكلمة المنهج]

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله.

أما بعد: ففي بداية هذا اللقاء أشكر الإخوة القائمين على هذا المعهد -ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجعله معقل علم وخير وبركة- على تنظيم مثل هذا اللقاء، ونحن في الواقع نحتاج إلى أن تكون مؤسساتنا التربوية بأسرها تؤدي مثل هذه الأدوار للمجتمع، وألا يكون الدور فيها قاصراً على ما يتلقاه التلاميذ على مقاعد الدراسة، وليس هذا بغريب عن مثل هذه المعاهد، فهي معاقل علم وخير وبركة، أسأل الله أن يبارك جهود الإخوة القائمين عليها.

في المعهد العلمي في مكة في هذه الليلة ليلة الخميس الثاني من شهر جمادى الثانية عام ١٤١٦ للهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم، نلتقي لنتحدث عن أخطاء في المنهج.

وبادئ ذي بدء أعتذر لكم؛ إذ أني كنت قد دونت بعض النقاط المتعلقة بهذا الموضوع وبعض النقول، لكن لأسباب فنية كما يقال لم أتمكن من إحضارها، ولهذا دونت بعض النقاط وأنا في الطائرة مما كنت أستذكره في هذا الموضوع، فمعذرة إن كان في الموضوع قصور أو خلل.

معشر الإخوة الكرام! الحديث عن المنهج حديث نسمعه الآن كثيراً، ولا شك أنها خطوة إيجابية، وخطوة مثمرة أن يبدأ الحديث عن المنهج، وأن يبدأ الناس يتساءلون عن المنهج، ويبحثون عن المنهج الصحيح، وهي خطوة بإذن الله لأن تترسم معالم هذا المنهج واضحة جلية للناس، وقبل أن نتحدث عن هذه القضية وهذه الأخطاء نشير إشارة سريعة إلى المقصود بالمنهج.

المنهج عرفته كتب اللغة بمعان عدة: منها الوضوح، والمنهج: هو الطريق الواضح المستقيم.

وأيضاً يقال: نهج فلان كذا إذا سلك هذا الطريق، وله معان أخرى لا تدخل ضمن هذا الاستخدام، وهو مصطلح جاء في كتاب الله تبارك وتعالى، وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم، يقول تبارك وتعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة:٤٨]، ويقول صلى الله عليه وسلم في حديثه الطويل: (تكون فيكم النبوة ما شاء الله لها أن تكون)، ثم قال في آخره صلى الله عليه وسلم: (ثم تكون خلافة على منهاج النبوة)، إذاً فهي ليست كلمة مبتدعة محدثة، وإنما هي كلمة عرفها العرب وتحدثوا عنها في أشعارهم وفيما يروى عنهم، وهي كلمة جاء بها القرآن وجاءت بها سنة النبي صلى الله عليه وسلم.

وحين نتحدث عن المنهج فإننا نعني: المعالم العامة الواضحة لطريق الدعوة إلى الله تبارك وتعالى والعبودية له عز وجل، والمنهج يطلق على الطريق الذي يسلكه المسلمون أجمعون، لكنه الآن في عرف الكثيرين ممن يتحدثون عن المنهج صار يطلق على مناهج الدعوة إلى الله تبارك وتعالى، وعلى الجهود التي تبذل في سبيل إحياء مجد الأمة وإزالة هذه الغربة عن الأمة.

إذاً: فالمنهج يعني: معالم واضحة، فهي معالم رئيسة وواضحة وليست قضايا جزئية، وليست مسائل فرعية، ولا من أبواب الاجتهاد، إنما هي معالم ظاهرة واضحة، وهذا يعني: أن من خالف فيها فعنده نوع من الانحراف والخلل في المنهج.

والأصل في المنهج المحجة التي تركنا عليها صلى الله عليه وسلم، وهو سبيل الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة أهل السنة والجماعة، لكن في هذا العصر وقد استجدت مستجدات وحصل للناس من اللبس والخلط ما لا قبل لهم به، صاروا بحاجة إلى حديث جديد تنزل فيه هذه القضايا على هذا العصر الذي يعيشونه.