للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كيفية الجمع بين سنن الابتلاء وسنن الانتقام]

السؤال

كيف نجمع بين سنن الابتلاء وسنن الانتقام، لاسيما وقد اغتر البعض بما فتح على الغرب من تقدم تكنولوجي ومن جمال في الطبيعة؟

الجواب

أول شيء: قضية الجمال في الطبيعة هذا أمر الله، يعني: ليس هو القضية قدر الله، فالله تبارك وتعالى قسم الأرزاق بين الناس، فأناس عندهم جمال في الطبيعة، وأناس عندهم معادن، وأناس عندهم نفط، فمن فقد شيئاً عوضه الله خيراً منه.

الجانب الثاني: كونه فتح على الغرب في التقدم التكنولوجي؛ فالله تبارك وتعالى من سنته أن الناس إذا بذلوا واجتهدوا في أمور الدنيا أنه يعطيهم، وأنه تبارك وتعالى يسخر لهم.

ولهذا أولئك أدركوا السنن التي تحكم عالم المادة، واستطاعوا أن يتعاملوا مع هذه السنن ويطوعوها، ولا يستطيع الإنسان أن يعدل فيها، وكذلك لا يستطيع أن يعدل في سنن التاريخ، لكنه يتعامل معها كما ذكر ذلك مالك بن نبي رحمه الله، فيقول: إننا لن نستطيع أن نغير سنن التاريخ، لكننا نستطيع أن نتعامل معها، يقول: كما أننا لا نستطيع أن نغير سنن وقوانين المادة، لكننا نستطيع أن نتعامل معها، وضرب على ذلك مثالاً بما أشرت إليه من قانون الجاذبية.

فالمهم أن هذا جزء من سنن الله، فلم يغير الله ما بأولئك من جهل وبعد عن العلم حتى غيروا ما بأنفسهم، فالتغيير في جانب واحد: في جانب المادة إنما كان نتيجة للتغيير الذي كان في أنفسهم، فحين بذلوا الجهد واستفرغوا وسعهم مكن لهم في الدنيا، والمؤمنون شأنهم شأن غيرهم بل هم أولى وأحق بالتمكين، ومع ذلك يبقون كما قال تبارك وتعالى عنهم: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} [الروم:٧]، فهذا لا يدعوا إلى أن نغتر بما عندهم، لكن لاشك أن ما حصلوه ليس بخرق للسنن الكونية، فهذا جزء من هذه السنن.