هل وسائل التربية توقيفية، أم أنها خاضعة للجهد البشري، واختيار الوسيلة المناسبة؟
الجواب
وسائل التربية والدعوة ليست توقيفية، وسبق أن عرض هذا السؤال في المحاضرة الماضية التي كانت بعنوان: همسة إلى شاب، وذكرت لكم أن الكثير من العلماء والمشايخ أفتوا بأنها ليست توقيفية، ومنهم سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز فقد سألته بنفسي، وأجابني بذلك، وأيضاً الشيخ ابن عثيمين والشيخ عبد الله بن قعود وغيرهم قرروا أن وسائل الدعوة ليست توقيفية.
وما معنى أنها ليست توقيفية؟ يعني: إذا قلنا إنها توقيفية فمعناه أنه لا يجوز أن ندعو بأي أسلوب أو وسيلة إلا إذا كانت واردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، أما إذا قلنا: إنها ليست توقيفية، فيعني هذا أن عندنا حرية أن ندعو بأي أسلوب بشرط أن يكون جائزاً شرعاً، وألا يكون فيه مخالفة شرعية.
وأنت ترى الذي يقولون: إن وسائل الدعوة توقيفية يضطرون إلى نوع من خرق القاعدة، فمثلاً طلب العلم مثل الدعوة فما الفرق بينه وبين الدعوة؟ إذا قلنا: إن وسائل الدعوة توقيفية، إذاً وسائل تلقي العلم يجب أن تكون توقيفية، فالمدارس النظامية الآن ما كانت موجودة في السابق، الكتب بطريقتها الآن والتصنيف وطريقة التبويب لم تكن موجودة في السابق، الوسائل المعاصرة أجهزة الحاسب الآلي، وأجهزة الناسوخ والاتصال، أجهزة الاتصالات الحديثة، ومراكز المعلومات وكل هذه ما كانت موجودة.
إذاً هذه بدعة، والتعليم الرسمي بدعة لأنه ما كان موجوداً، وخذ كل الوسائل الموجودة في التعليم هي الأخرى بدعة إذا قررنا أن وسائل الدعوة توقيفية.
فعلى كل حال ليس ذلك صحيحاً، فوسائل التربية ووسائل الدعوة وسائل اجتهادية، ولو تمعنا في التاريخ لوجدنا أن الأمة ابتكرت وسائل في الجهاد، ووسائل في العلم، ووسائل في الدعوة، ووسائل في إدارة شئون حياة الأمة كلها ابتكرت واستفادت من العصر الذي تعيشه.
فالميدان مفتوح والمجال مفتوح لأي وسيلة بشرط ألا يكون فيها مخالفة شرعية، وأن نرى أنها تحقق المصلحة الشرعية.