للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ترك بعض الأعمال حتى لا تفرض على أمته]

وصفه سبحانه وتعالى بالرحمة على الخلق والعطف عليهم، {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عمران:١٥٩].

ويمتن الله سبحانه وتعالى على المسلمين أن بعث لهم هذا الرسول صاحب القلب الكبير الرحيم صلى الله عليه وسلم، {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة:١٢٨].

وتلمس رحمته صلى الله عليه وسلم بالخلق في كل أحواله وأموره، كان صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يترك بعض الأعمال شفقة على أمته حتى لا تفرض عليهم فيعجزوا عن القيام بها، ألم تقرءوا كثيراً في سنته صلى الله عليه وسلم قوله: (لولا أن أشق على أمتي)، إن هذا مصداق الوصف الذي وصفه به ربه سبحانه وتعالى، وهو عز وجل أعلم به: {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة:١٢٨].

فهو صلى الله عليه وسلم يقول: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)، (لولا أن أشق على أمتي ما قعدت خلاف سرية تغزو في سبيل الله عز وجل).

ويصلي صلى الله عليه وسلم فيصلي الناس بصلاته ثم يعتذر لهم خشية أن تفرض عليهم هذه الصلاة فلا يطيقوها، ويفرض الله عليه خمسين صلاة فما يزال يراجع ربه حتى تخفف هذه الصلاة رغبة في التخفيف على أمته.

ويأمره جبريل أن يقرئ أمته القرآن على حرف فيقول: إن أمتي لا تطيق ذلك، فيقول: أقرئهم على حرفين حتى أوصله إلى سبعة أحرف، ما يزال رحيماً صلى الله عليه وسلم بهذه الأمة يخشى أن تكلف ما لا طاقة لها به.