للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ضرورة توفير الوقت الكافي للأسرة من قبل أفرادها]

سادساً: لا بد من زيادة الوقت المتاح للأسرة، قلنا: إن الأسرة تملك وقتاً واسعاً وكبيراً تتعامل فيه مع أولادها، لكن اليوم ثمة عوامل كثيرة استغرقت جزءاً كبيراً من وقت الأسرة، ودعوني أضرب على ذلك ثلاثة أمثلة سريعة: التلفزيون: الأسرة تجتمع على طعام العشاء أو في جلسة الشاي أمام شاشة التلفزيون، وهذا يعني أنهم سيجتمعون صامتين ينظرون جميعاً إلى هذه الشاشة، هذا الوقت كان من الممكن أن يشغل بالحديث بين أفراد الأسرة، وهذا الحديث له أثره، فهذا الوقت الذي تعتقد فيه الأسرة أنها قضته مجتمعة في الحقيقة هي لم تقضه مجتمعة إنما قضته أمام ما يسميه بعض التربويين المجمع المفرق، جمعهم أبداناً وفرقهم عقولاً وأرواحاً.

السائق: كم يأخذ من وقت الأسرة، اعتاد الأب أن يوصل أطفاله إلى المدرسة، وأن يوصلهم إلى هنا وهناك، ثم جاء السائق فصار يكفيه مئونة ذلك، وهذا ربما يوفر علينا وقتاً ويحل لنا مشكلة، لكن كم هو الوقت الذي يقضيه الولد مع السائق، هذا الوقت كان من الممكن أن يقضيه مع والده، ومثل هذا لا يخفى أثره النفسي والاجتماعي في تقوية الصلة بين الأب وأولاده، وأثره التربوي كذلك ففي الطريق يشاهد الأولاد مواقف وتمر بهم أمور تستحق التعليق، وتستحق التقويم، فماذا نتوقع من هذا السائق أن يغرسه في نفوس الأولاد؟! الخادمة التي تبقى مع الصغار وتأخذ منهم وقتاً طويلاً، بل ربما تقوم بإعداد الطعام لهم، وتقوم بتنظيفهم ومساعدتهم في ارتداء اللباس، وترعاهم في هذه المرحلة الخطيرة المهمة التي يحتاجون فيها إلى العطف، وإلى الحنان، وإلى الإشباع العاطفي الذي حرموه بسبب هذا الوافد الغريب، ولا أريد أن أستطرد في هذا، لكن أقول: هذه الثلاثة نماذج من الوقت الذي سرق من الأسرة وهي مع بعضها، يعني: الوقت الذي يأخذه السائق وتأخذه الخادمة ويأخذه التلفزيون، كان من الممكن أن يكون مع الأسرة جميعاً أو مع الأب أو مع الأم، فما بالك بما سوى ذلك.

فهذا يدعونا إلى أن نزيد من الوقت المتاح للأسرة، فعلى الأب أن يعيد النظر في الفترة التي يغيبها عن منزله، سواء من حيث طول الوقت الذي يقضيه خارج المنزل، أو من حيث موقع هذا الوقت الذي يقضيه في المنزل من البرنامج اليومي، فالوقت الذي تقضيه في المنزل وأطفالك نائمين لا قيمة له، بعض الآباء يقضي وقتاً طويلاً في العمل، ثم يأخذ عملاً إضافياً أو ينشغل بارتباطات اجتماعية هنا وهناك فلا يرى أطفاله ولا يرى أسرته إلا نادراً، وقل مثل ذلك أيضاً في الأم، فالأم قد تعمل، وقد تنشغل، وقد ترى أن الخادمة تكفيها المئونة، فتتنازل عن جزء من وقتها للخادمة.

أيضاً ينبغي ألا نسمح لأولادنا أن يقضوا معظم وقتهم خارج المنزل، لا بد من أن يكون هناك وقت يلتزم الأولاد بقضائه داخل المنزل مع الأسرة، لا بد إذاً من أن نزيد الوقت المتاح للأسرة، سواء الوقت الذي تكون الأسرة موجودة فيه فعلياً أو الوقت الذي نحسبه نحن على الأسرة وهو ليس محسوباً على الأسرة وقد أخذته العوامل الأخرى كما أشرنا قبل قليل.