أول خطأ نرتكبه في التعامل مع الأخطاء: إهمال علاج الخطأ أصلاً، والتهرب من التصحيح.
وهو أسلوب قد يسلكه المرء مع نفسه، فيمارس حيلاً لا شعورية، يتهرب فيها من المسئولية، ويتهرب فيها من تحميل النفس الخطأ، ويرفض أن يواجه بخطئه، ويرفض أن يقال له: أخطأت، فهو يرفض النقد جملة وتفصيلاً، تصريحاً وتلميحاً إشارة أو عبارة، وأحياناً أيضاً نرفض الخطأ في مناهجنا التربوية.
إننا لا بد أن نقع في الخطأ في ذوات أنفسنا أو في أعمالنا، في مؤسساتنا التربوية، أو على مستوى مجتمعاتنا ككل، أياً كانت أعمالنا وجهودنا لا بد أن نقع في الخطأ فيها، وحينئذٍ لا بد من المصارحة والوضوح والاعتراف بالخطأ، ورفض الحديث عن الأخطاء إنما هو استسلام للخطأ وإصرار عليه.
إنه لا يليق بالمرء أن يرفض المصارحة مع نفسه ومناقشة أخطائه، وأن يتهم النقد الموجه له من الآخرين، وكذلك لا يسوغ لنا داخل مؤسساتنا التربوية أن نرفض المراجعة.
إن من حقنا، بل من واجبنا أن نتحدث عن الأخطاء التي يقع فيها الأب تجاه تربيته لأبنائه حديثاً واضحاً صريحاً، ومن حقنا أن نتحدث عن الأخطاء التي تقع فيها الأمة في تربيتها لأبنائها وبناتها حديثاً صريحاً واضحاً.
إن من حقنا بل من واجبنا أن نطلب المراجع لمناهجنا التربوية، سواءً كانت في المؤسسة التعليمية أم التربوية، ومن حق أي ناقد مخلص أن يطالب بالتصحيح، وأن يبدي وجهة نظره في مناهج التربية وبرامجها داخل مؤسسات التربية الرسمية أو غيرها.
ومن حقنا داخل قطاع الصحوة أيضاً أن نرفع أصواتنا، وأن نطالب بإعادة النظر والتصفية ومراجعة البرامج التربوية تارة بعد أخرى، والتهرب من النقد والمراجعة واتهام من ينتقد إنما يعني الإصرار على الخطأ، واعتقاد العصمة للنفس، فلا بد أن نتربى وأن نربي غيرنا على أن تكون لغة النقد البناء لغة سائدة بين الجميع، وعلى أن يكون الحديث عن الأخطاء حديثاً لا تقف دونه الحواجز ولا العوائق، ما دام ذلك داخلاً في إطار النصيحة.