للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ربط الإنسان بأمته]

أخيراً: الحج يربط الإنسان بأمته من خلال أولاً القبلة، فنحن في الحج نتجه إلى هذه القبلة التي تجمع الأمة والتي نتجه إليها في صلاتنا، نتجه إليها في دعائنا، نتجه إليها في عبادات عظيمة، الأمة كلها تجتمع على قبلة واحدة، ويأتون إليها، وربما الذي اعتاد أن يرى بيت الله الحرام والكعبة قد لا يدرك عظم الشوق الذي يعيشه المسلم الذي قضى وقتاً طويلاً من عمره، وهو يستقبل هذه القبلة في صلاته، في دعائه، قد لا ندرك عظم الشوق الذي يختلج في نفوس هؤلاء أن يروا هذه القبلة ويعاينوها ويفدوا إليها.

هذا يوحد الأمة، يوحد انتماء الإنسان لهذه الأمة الذي يمثل هذا البيت رمزاً لوحدتها؛ ولهذا يهدم هذا البيت في آخر الزمان حين لا يحج أحد كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم.

وحدة الأمة في وقوفها، في مناسكها، في عبادتها يربي في النفوس الانتماء لهذه الأمة ووحدة هذه الأمة.

أيها الإخوة الكرام! الحديث عن هذه العبادة العظيمة حديث يطول، ولو أردنا استقصاء ما في هذا الحج من منافع فإننا لن نستطيع، ويكفي أن الله عز وجل قد ذكر ذلك منكراً فقال: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} [الحج:٢٨]، والنكرة من صيغ العموم، منافع عديدة في كافة حياة الناس وأمورهم، وما ذكرناه هو جزء من أثر الحج على بناء النفس، وإلا لو أخذنا المنافع الأخرى فإن الوقت يضيق.

أسأل الله عز وجل أن يجعلنا وإياكم ممن يعبده حق عبادته، ويتقيه حق تقواه إنه سميع مجيب، ونسأل الله تبارك وتعالى أن ييسر لإخواننا حجاج بيت الله عز وجل سفرهم، وأن يجعل حجهم مبروراً وسعيهم مشكوراً، ويتقبل منا ومنهم إنه سميع مجيب.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.