للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التجديد عند الدعاة إلى الله في الوسائل دون الخوض في الثوابت]

إذاً: فإذا كانت النفوس تتطلع إلى التجديد والابتكار، فلماذا لا يسلك الدعاة إلى الله سبحانه وتعالى هذا المسلك؟ ولماذا لا يكون التجديد مطلباً لهم، فينوعون في أساليبهم وطرقهم ووسائلهم بما يكون محاطاً بسياج المنهج، محصوراً في دائرة الشرع، فلا يسوغ أن يسلط التجديد على الثوابت الشرعية فيقضى عليها باسم التجديد والابتكار؟ لكن حين يكون تنويعاً وتشويقاً فلا بأس فالنفس تمل وتألف، ونحن نرى في تاريخ الحركة العلمية والفكرية في أمتنا أن الكثير من أسلافنا قد سلكوا هذا المسلك، فجددوا في التأليف، وجددوا في طرق التدريس، ولعل من يرصد الحركة العلمية والفكرية على مدى تاريخ الأمة يدرك ذلك واضحاً ظاهراً.

وهذه المحاضرة هي محاولة لعرض هذا الموضوع بقدر من التجديد في الأسلوب دون المضمون، وفي طريق المعالجة دون الأفكار والمنطلقات، وكل الطرق تؤدي إلى مكة.

إننا نطالب الناس دائماً بمطالب ملحة تشكل عندنا قضايا أساسية، وعلى قدر حاجتنا لهذه المطالب، وعلى قدر شعورنا بأهميتها، سيعلو صوتنا فيها، وستتكرر مطالبتنا، وسيتكرر نداؤنا، ولن يقف هاجس التكرار عائقاً لنا دون الإلحاح في المطالبة.

إننا أيها الإخوة! ونحن نطالب بهذه المطالب الشرعية لسنا بأولى من الدائن الذي يطالب بدينه ويلح، ويرفع صوته صباح مساء، ويبدئ ويعيد ويكرر، إن مطلبنا أعظم وأبعد أثراً من مطلب صاحب الدين، إن مطلبنا هو المطلب الشرعي للناس أن يفيئوا إلى الله جميعاً، وهي كلمة واحدة إليها ندعو، وحولها ندندن، ونرفع دائماً أصواتنا يمنة ويسرة، نطالب بالعودة إلى الله عز وجل، وبالرجوع إلى الله سبحانه وتعالى، وبالعمل لهذا الدين، والدعوة له، ونطالب المسلمين جميعاً أن يسيروا معنا في صف واحد، وأن يركبوا معنا القطار، ويخوضوا معنا المعركة في الفكر أولاً والعلم والحجة واللسان، والتي تهيئ بعد ذلك للملحمة الكبرى في مواجهة الكفر وأهله وقادته.

إن من حقنا أيها الإخوة! ونحن نرى أن مطالبنا مشروعة، بل نرى أنها تتصدر قائمة المطالب المشروعة، من حقنا أن نكرر مطالبنا، وأن نرفع أصواتنا، وأن نبدئ ونعيد فيها، ومن ثم فقد نكرر كلاماً كثيراً، ولكن سنظل نكرر ونرفع الصوت حتى يستجيب الناس ويفيئوا إلى دين الله سبحانه وتعالى.

فهذه محاولة لنوع من المطالبة، وقد لا يكون ثمة جديد في الموضوع والمضمون في حقيقتها، فهي حقيقة واحدة حولها ندندن، وإليها ندعو، لكن التجديد قد يكون في الأسلوب والمظهر.