للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تأمل في واقع أمتك]

الصفحة الثامنة: تأمل في واقع أمتك: استمع الآن لنشرة الأخبار، لابد أن يواجهك ما يقال عن إخوانك المسلمين في يوغسلافيا، القتلى بالآلاف، والمشردون بالملايين، والمساجد تهدم وتدمر على المصلين، إخوانك المسلمون هناك يذبحون، وتراق دماؤهم، بل ترتكب معهم أبشع الجرائم، وأبشع انتهاك لحقوق الإنسان إذا عبرنا بالمصطلح المعاصر، ها هم يعيشون آلاماً يتمنون أن تشاركهم فيها.

ومن قبلهم تعرض إخوانك المسلمون في بورما لما تعرضوا له، ومن قبلهم أريقت دماء عشرين ألفاً من المسلمين في حلبجة، ومن قبلهم أريقت دماء ربع مليون من أهل السنة في الأرض التي بارك الله حولها على يد الباطنيين الذين يحقدون على أهل السنة، ويتمنون اليوم الذي يعيدون فيه أمجاد العبيديين والقرامطة.

أما الذين يئنون في السجون تحت وطآت السياط، فإنك لا تسمع أناتهم، وكيف لك أن تسمع أناتهم وأنت منشغل بسماع أمر آخر، أما صرخات أخواتك اللاتي تنتهك أعراضهن في كل مكان، بل وفي بلاد المسلمين وللأسف، فلن تسمع هذه الصرخات؛ لأنك تسمع صرخات من نوع آخر.

أخي الكريم! أيليق بك وأنت ترى المسلمين يقادون لمجازرهم كما تقاد الشياه، وترى أنهار الدماء تجري من إخوانك المسلمين، أيليق بك بعد ذلك أن يكون غاية همك شهوة محرمة، ونزوة عاجلة، ولهواً ولعباً، ومزاحمة على مدرجات الكرة، وإخوانك يستصرخون ويستغيثون؛ ماذا يقولون عنك لو رأوا حالك؟! ماذا يقولون عنك وأنت على أقل الأحوال لم تتابع أخبارهم؛ لأنك شغلت بمتابعة أخبار الرياضيين والساقطين، ولم يؤلمك ما يحصل لأخواتك المؤمنات من انتهاك للأعراض وإهانة؛ لأنك مشغول بمتابعة نساء من لون آخر ومتابعة أخرى.

ماذا تقول عنك أختك التي ينتهك عرضها وتصرخ وتستغيث؟ كيف لو تراك وأنت تطارد النساء في الأسواق وعند المدارس؟ أرجو أن تعذرني على هذه الصراحة، ولكنه الواقع الأليم! أليس إدراكك لهذا الواقع، وإدراكك لهذا التآمر الذي يمارس ضد أمتك، وضد إخوانك، بل ضدك أنت، وقد تقول يوماً من الأيام: أكلت يوم أكل الثور الأبيض، وإن كان اليوم ليس يومك، فقد يكون غداً هو يومك، وقد يأتي عليك اليوم الذي تستصرخ فيه كما يستصرخ إخوانك، فلا تجد من يغيثك، لماذا؟ لأنك سمعت أناتهم، وسمعت صرخاتهم، ورأيت واقعهم، وأنت في وادٍ آخر، والجزاء من جنس العمل؟