الثمرة الثالثة: الجدية في الاهتمامات، الرجل الذي تربى تربية جادة اهتماماته عالية، واهتماماته طموحة، ومن ثم لا يجد وقتاً للأمور الدونية، حتى عندما تقرأ في تراجم بعض أهل الحديث يقول أحدهم: بقي شهراً لا يجد وقتاً يغسل ثوبه.
أحدهم نصح أحد تلامذته نصيحة طريفة قال له: اطل ثوبك بطلاء أسود حتى لا تنظر بعد ذلك إلى ما يصيبه من قذر وأذى.
وهذه الصورة لا نطلبها لكنها على الأقل صورة تعطينا من اهتمام أولئك الرجال الجادين الذين هم أصحاب اهتمامات عالية؛ ولهذا تجدون مثلاً أنا نحن نفوق في العناية بالكماليات، العناية بالمظاهر، فمثلاً عندما يأتي الإنسان يقرأ كتاباً يكلمك عن الإخراج والطباعة وشكل الإخراج وغيره، وعندما يقيم عملاً معيناً تجده يعتني بالمظاهر، نعتني بالأشياء هذه ونوليها جهداً وعناية وتستغرق علينا وقتاً.
أنا أقول: هذا مظهر من مظاهر سذاجة الاهتمامات، ومن مظاهر عدم الجدية؛ لأن الرجل الجاد أصلاً منصرف إلى هدف أساس، يعني: القضايا هذه ما يهتم بها، إذا تحققت أهلاً وسهلاً، وإذا ما تحققت ما عنده وقت أصلاً أن يهتم بها، ومن ثم فالرجل الجاد تجده صاحب اهتمامات عالية واهتمامات جادة، وتستطيع أنت أن تقيس المرء من خلال اهتماماته.