[نعي لأخوين توفيا في حادث سيارة]
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
أما بعد: فبعون الله وتوفيقه نستأنف هذه الدروس المباركة مع بداية هذا العام الدراسي الذي نسأل الله سبحانه وتعالى أن يكون عام خير وبركة، وأن يرزقنا فيه العلم النافع والعمل الصالح.
ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيننا على إتمام هذه الدروس، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل إنه سميع مجيب.
عنوان هذا الدرس أيها الإخوة كما تعلمون جميعاً: (دعوة للعمل).
وقبل أن نبدأ الحديث عن الدرس لعلكم تذكرون أنه في آخر الدروس في العام الماضي وعدنا بإكمال هذه الدروس أثناء الإجازة مفرقة، فلعلي أذكر لكم عناوين تلك الدروس التي ألقيت في الإجازة حتى يتيسر لمن أراد أن يرجع إليها.
كان آخر هذه الدروس في العام الماضي هو الدرس السابع والذي كان بعنوان: (التربية الجادة ضرورة).
وكان الدرس الثامن بعنوان: (كلانا على خير)، وألقي في الرياض في كلية إعداد المعلمين في التاسع والعشرين من شهر محرم.
والدرس التاسع كان بعنوان: (التربية الذاتية)، وألقي في جدة في الثامن من شهر صفر.
والدرس العاشر كان بعنوان: (عناية الشريعة بسد ذرائع الفاحشة)، وألقي أيضاً في جدة في التاسع من شهر صفر.
والدرس الحادي عشر كان بعنوان: (الشباب والاهتمامات)، وألقي في عنيزة في الثاني والعشرين من شهر صفر.
والدرس الثاني عشر كان بعنوان: (ماذا بعد الهداية)؟ وألقي في البكيرية بتاريخ الثالث والعشرين من شهر صفر.
وآخرها الدرس الثالث عشر وكان بعنوان: (سوء الفهم آفة)، وألقي في الخرج في الثاني من شهر ربيع الأول.
وهذا هو الدرس الأول في هذا العام وهو يمثل الرقم الرابع عشر من هذه الدروس المباركة، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيننا على إتمامها.
وقبل أن أبدأ هذا الدرس لعلي أن أبث لكم خبراً لتشاركوني أحزاني ولتعذروني أيضاً عما يبدر من خلل في أداء هذا الدرس، فقد تلقيت عصر هذا اليوم نبأ وفاة أخوين من إخوانكم الذين كانوا يحضرون معنا هذه الدروس، وقد أصيبوا في حادث سيارة فتوفي منهم شابان وبقي بعضهم في المستشفى، منهم من هو في العناية المركزة، ومنهم من هو بصحة جيدة، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرحمهم ويتجاوز عنهم، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يشفي مرضاهم.
وحق على كل من حضر مثل هذا المجلس المبارك أو سمع هذا الكلام أن يدعو لإخوانه المسلمين، ونحن إذ يصيبنا الحزن والأسى ونحن نفقد أخوين من إخواننا نشعر أيضاً بالغبطة لهم على هذه الميتة التي نسأل الله سبحانه وتعالى أن تكون خاتمة حسنة، حيث كانوا في سفر -نحسبهم والله حسيبهم- يبتغون به وجه الله وطلب العلم في صحبة صالحة، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يكتب لنا وإياكم حسن الخاتمة، وقد صلي عليهم هذا اليوم بعد المغرب، ولقد فكرت في أن أذهب لأشهد الصلاة عليهم لكني كرهت أن أخلفكم الموعد، ولعل في الأمر خيراً أن ندعو لهم جميعاً، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يمن عليهم بواسع رحمته وعفوه وأن يتجاوز عنهم ويرفع درجاتهم، ونسأله سبحانه وتعالى أن يشفي سائر إخواننا المرضى والمصابين، وأن يجعل ذلك تكفيراً لسيئاتهم وذنوبهم، وأن يجعل ما يصيبنا من حزن وأسى لفقد إخواننا في تكفير سيئاتنا ورفعة درجاتنا إنه سميع مجيب.
ويحق لي أن أحزن وقد فقدت أناساً من أعز طلابي وتلامذتي الذين كنت أراهم لثلاث سنواتٍ خلت يحضرون معي هذه الدروس، ويحضرون معي بعد الفجر، ويسألونني وأتحدث معهم، ولعل أحدهم الذي كان في غرفة العناية المركزة نسأل الله أن يمن عليه بالعافية كان من أكثرهم مداومة على هذه الدروس سواء هذا الدرس أو درس الثلاثاء، أو دروس ما بعد الفجر.
ولا أنسى وقد حدثني بعد ثاني درس من هذه الدروس عن جهد وعمل قام به في مدرسته بعد محاضرتي على مقاعد الدراسة، إنني لا أتصور أني أنسى تلك الوجوه أو أن أنسى هذا الحزن والأسى الذي يصيبنا، لكنا نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا الصبر، وأن يغفر لهم ويتجاوز عنهم، وهكذا الدنيا أيها الإخوة لا تدوم على حال، والبقاء إنما هو في دار القرار، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجمعنا وإياهم جميعاً في مستقر رحمته.