من هذه العوائق: الإعجاب بالنفس، وهذا -عافانا الله وإياكم- عنوان الضلال، وبداية الشطط، وليس أدل على ذلك من أن الشيطان قد طرد من رحمة الله تبارك وتعالى، حين أعجب بنفسه واستكبر.
إن تعلم المرء للعلم وإدراكه لمسائل يشعر أن الناس من حوله لا يدركونها، ويشعر أن الناس يسألونه، وينصتون إذا تحدث، ويقدرونه؛ إن هذا مدعاة لأن يصاب بالعجب، وأن يدخل في نفسه ما يدخل، وحين لا يأخذ نفسه بزمام التقوى، وخشية الله تبارك وتعالى، والإقبال عليه عز وجل، فإن هذا العلم سيكون من أعظم الأبواب للعجب والغرور عافانا الله وإياكم.
ولهذا يقول الغزالي حول العجب: والقلب بيت هو منزل الملائكة، ومهبط أثرهم، ومحل استقرارهم، والصفات الرديئة مثل الغضب والشهوة والحقد والحسد والكبر والعجب وأخواتها كلاب نابحة، فأنى تدخله الملائكة وهو مشحون بالكلاب.
وكما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن جبريل:(أن الملائكة لا يدخلون بيتاً فيه كلب).
وكلاً منا -أيها الإخوة- حين يتأمل في نفسه يرى أنه قد تدخل عليه هذه المداخل، وقد يعجب بنفسه، وقد يشعر أن الناس محتاجون إليه، وأن الناس ينصتون لقوله، وأن الناس يسألونه ويستفتونه ويستشيرونه ويأخذون برأيه، وهذا لا شك قد يكوك باباً من أبواب العجب والكبر، وحين لا يأخذ نفسه بزمام التقوى، ولا يربيها على خشية الله عز وجل ومخافته والإقبال عليه، فإن هذا قد يوقعه في الضلال عافانا الله وإياكم.
وقد يكون بداية للانحراف والضلال، بل البعض من الناس قد أدى به إعجابه بنفسه إلى الضلال، بل إلى الردة عافانا الله وإياكم.