خامساً: كان كثير من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يفدون إليه فيستوصونه فيوصيهم فيقول لأحدهم: (لا تغضب) ويقول للثاني: (كلما مررت بقبر كافر فبشره بالنار) ويقول للثالث: (لا تسبن أحداً) ويقول للرابع كذا، والخامس كذا وهكذا تجد وصايا النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه مختلفة بل تراه يوصي أحدهم أن يوتر قبل أن ينام، ويوصي الآخر أن يقوم الليل الشاهد أن وصايا النبي صلى الله عليه وسلم تختلف من شخص إلى آخر، وأيضاً كثير ما كان يسأل النبي صلى الله عليه وسلم:(أي الأعمال أفضل؟) أو (أي الإسلام خير؟) فيجيب هنا بإجابة وهناك بإجابة أخرى، ومن أشهر ما قيل في الجمع والتوفيق بين هذه النصوص أن النبي صلى الله عليه وسلم يعرف أن فلاناً تصلح له هذه الوصية، والآخر كذلك، والثالث كذلك، فلم يوص الجميع صلى الله عليه وسلم بوصية واحدة لاختلاف الناس وتفاوتهم.
بل النبي صلى الله عليه وسلم يأتيه الناس يسلمون، فمنهم من يجلس ويبقى عنده في مكة، ومنهم من يوصله النبي صلى الله عليه وسلم إلى قومه يدعوهم للإسلام، وذلك أن الناس كما قلنا يختلفون ويتفاوتون.