للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عدم الحديث عن المعاصي السابقة]

أولاً: أن بعض الشباب تكون له تجارب سيئة، كان يفعل معاصي وخطايا، فيتحدث بها مع زملائه ومع الناس، وهذا مخالف لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل العمل بالليل فيستره الله سبحانه وتعالى، فيصبح فيقول: يا فلان! عملت كذا وكذا، بات يستره الله عز وجل ويكشف ستر الله عليه).

فالنبي صلى الله عليه وسلم هنا يخبر أن الأمة معافاة إلا المجاهرين؛ لأن الإنسان الذي لا يجاهر أدعى للتوبة أصلاً، والناس لا يدرون ما عنده، فيتوب ويقبل على الله عز وجل، لكن الإنسان الذي يجاهر بالمعصية يعتبر مستخفاً بها، فقد يعاقبه الله فيصرفه عن التوبة، ثم -أيضاً- هذا الإنسان المجاهر صار تاريخه مكشوفاً أمام الناس، فصعب عليه أن يتخذ قرار التوبة والعودة إلى الله عز وجل.

فأقول: بعض الشباب يتحدث عن الماضي بما فيه أنه كان يفعل كذا وكان يفعل كذا، وفعل كذا، وهذه لها أخطاء أولها: أنها مجاهرة بالمعصية، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن المجاهرة ليست إعلان المعصية، وإن كانت هي مجاهرة فعلاً، ومن أكبر وأشنع صور المجاهرة أن الإنسان يفعل المعصية أمام الناس، لكن قال: (وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل العمل بالليل فيستره الله عز وجل، فيكشف ستر الله عليه، فيقول: يا فلان! فعلت كذا وكذا) أنه وقع في معصية في الليل أو في النهار المهم أنه لا يعلم عنها الناس، وقد سترها الله عز وجل عليه، فيبدأ يتحدث بها عند الناس.

أيضاً المجاهرة بالمعصية، أو الحديث عن الماضي يهون عليك أمر المعصية؛ لأن الإنسان الذي فعل المعصية وبقيت في داخله، تبقى تعتلج في داخله وتشكل عليه ضغطاً، وتدفعه للتوبة، والإكثار من الاستغفار والدعاء والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى، فتشكل عليه ضغطاً هو يحتاج إليه، لكنه عندما يتحدث بها ويعلنها أمام الناس تصبح القضية عنده سهلة.

مثلاً: أحياناً تجد الشاب عنده مخالفة لا يعلم بها والده، فيعيش في رهبة من والده يخشى أن يعلم بهذه القضية، ودائماً يقول: كيف لو علم عني والدي وإلى غير ذلك، قد يحصل أنه يطلع عليه والده وهو يمارس المعصية، فيكتشف الخطأ والخلل، فتنتهي القضية عند الابن، ويحس أنه مكشوف فصار من الممكن أن يجاهر بعد ذلك.

مثلاً: واحد يدخن ووالده لا يعلم أنه يدخن، وبعد فترة اكتشف والده أنه يدخن، فبعد ذلك صار عنده استعداد أن يشرب الدخان أمام والده لأن القضية صارت معروفة.

فكذلك هذا الإنسان الذي تكون المعصية بينه وبين الله عز وجل لا يعلم عنها أحد، تصبح تعتلج في نفسه وتشكل عليه ضغطاً، هذا الضغط يصب في مصلحته؛ لأنه يدعوه إلى التوبة والإقبال على ربه، لكن عندما يتحدث بها أمام الناس تهون عنده.

وأيضاً من نتائج الحديث عن المعصية: تهوينها على الناس؛ لأنك حين تجلس مع زميلك وتقول: أنا كنت أفعل كذا وكذا، ومن الله علي بالهداية، ومرة فعلت كذا وكذا، هونت عليه المعصية، وصارت -أحياناً- دعوة غير مباشرة للوقوع في المعصية.

إذاً: فالقضية الأولى التي تعنيك في علاقتك مع الماضي ألا تتحدث عن الماضي بكل ما في الماضي، فتتحدث عن معاصيك التي كنت تفعلها، اللهم إلا إذا كان لذلك حاجة، فتسأل عن قضية شرعية، هل هذه القضية عليها كفارة أم ليس عليها كفارة؟ أو لها توبة معينة أم ليس لها توبة؟ ففي هذه الحالة يمكن أن تسأل، أما ما سوى ذلك فلا ينبغي أن تتحدث هذا الحديث بما فيه من السلبيات التي أشرنا إليها.