في الحج هناك ترى المسلمين من كان منهم براً ومن كان دون ذلك، من كان تقياً ومن خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً، ترى الجميع شيباً وشباناً، رجالاً ونساء، قد رفعوا أكف الضراعة إلى الله عز وجل يدعونه ويبتهلون إليه عز وجل عشية عرفة، وعلى الصفا والمروة، وعند الجمرات، فهم ما بين مستغفر تائب وعائد إلى الله عز وجل نادم، وصاحب حاجة سائل لمولاه، تراهم قد قطعوا العلائق إلا إلى الله عز وجل، وقد انقطعت آمالهم إلا به سبحانه وتعالى، لكن هذا المسلم الذي يتوجه إلى الله عز وجل ويخلص له ويدعوه، ويقطع حبل الرجاء إلا به سبحانه وتعالى، تراه وقد علّق أمله بالمخلوق خوفاً ورجاء، تراه ينطرح ذليلاً بين يدي مخلوق، يشعر أن حاجته بيده، وأن مخرجه مرهون به، فكيف يستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير؟ أليس خيراً للمسلم أن يعتز، وأن لا تكون له حاجة إلا لله سبحانه وتعالى، وأن يترفع عن استجداء المخلوقين، وشعوره أن مصيره بيد فلان أو فلان من الناس.