الصفحة الثالثة من تاريخ المرأة: المرأة الداعية: المرأة أم للدعاة والمصلحين، والمرأة زوجة للدعاة والمصلحين، والمرأة أيضاً داعية هي في موقعها ومع بني جنسها، ولاشك أن هذا الدور يتأكد ويتزايد في هذه المرحلة التي نعيشها، وليست الأدوار الأولى من هذا الدور ولا أولى منه.
إن الكثير من فتيات المسلمين في مراحل التعليم، واللاتي يعانين ما يعانين من نتاج الحملة الشرسة التي تشن على المرأة المسلمة في عفافها، وفي دينها، وفي حيائها، وفي أمور حياتها، إن الكثير من هؤلاء الفتيات لابد أنهن يقابلن كل صباح من تدرسهن، ومن تربيهن في المدرسة، ولن تعدم مدارس المسلمين وجامعاتهم من مدرسة صالحة وفية، ومن امرأة داعية مخلصة صادقة ناصحة، لن تعدم هذه المدارس -بإذن الله وحمده وتوفيقه- من هذا الصنف من الأخوات الفاضلات.
ولو قام هؤلاء الأخوات بدورهن وواجبهن؛ لأبلغن هذه الكلمة، وأسمعن هذا الصوت كل فتاة في بلاد المسلمين في سن التعليم ومرحلة التعليم، وكانت مدارس المسلمين وجامعاتهم ميداناً للتربية والتنشئة والإصلاح والتطوير.
فهل تدرك الأخت الفاضلة وهي تتحمل أمانة التدريس وعبء التربية أن دورها يتجاوز بكثير تلك الأسطر التي تقرؤها في الكتاب المدرسي، ثم تعيد بعد ذلك إلقاءها على فتياتنا وعلى بناتنا؟ أظن أننا ننتظر من أخواتنا دوراً أكبر من ذلك، وجهداً أعظم من هذا، ولا يسوغ بحال أن يقف دور المرأة على أن تلقن التلميذات، وأن تلقن الطالبات معلومات جافة، وعلى أن تستظهر هذه المعلومات التي تقرؤها في الكتاب، ثم تعيد بعد ذلك تسميعها وإلقاءها جافة على الطالبات، وهي تعلم أنهن يعانين ما يعانين، وهي تعلم أنهن يواجهن ما يواجهن.
إن الفتاة المسلمة في عرض العالم الإسلامي وطوله قد أصبحت ضحية المجلة الهابطة، وضحية الفلم الساقط، وضحية تلك المؤامرة الشنيعة التي تشن على المرأة المسلمة؛ لتلحق بنساء الغرب، وتسير وفق طريقهن؛ لتأخذ طريق الهاوية والدمار والهلاك.
وفي بلادنا يرد إليها أكثر من خمسين مجلة تهتم بالمرأة والأسرة، وهي مجلات كلها تنحى المنحى الغربي الساقط، وقد لا يمنعها من الإسفاف والوقاحة إلا رغبتها في مزيد من الانتشار وإسماع صوتها، هذه المجلات والصحف التي تتاجر بالغرائز، ويثرى أصحابها على حساب الفضيلة والعفة ممن يقرؤها ويقتنيها؟ تلك الأفلام من ينظر إليها ويستمع ما فيها؟ وتلك الأصوات النشاز التي تتحدث إلى المرأة عن قضيتها، تتحدث باسمها دون وكالة شرعية، تتحدث نيابة عنها، وهي لا تملك أدنى مؤهل يؤهلها لذلك، تلك الأصوات من يسمعها إلا الفتاة المسلمة هنا وهناك.
وحين تعيش الفتاة في هذا المجتمع، وهي تقرأ هذه الأحداث، وتسمع هذه الأصوات، وترى تلك المشاهد، وتعيش في المقابل حين تعيش هذا الجو، فهي تبحث عمن يوجهها، عمن يأخذ بيدها، عمن ينقذها من هذا الطريق المظلم الذي تقاد إليه.
فممن تريدين أن تسمع الصوت الناصح؟ وممن تريدين أن تتلقى التوجيه؟ إن لم تكن منك أنت التي تعلمينها، أنت التي تلقين عليها الدرس صباح مساء، إن المدرسة والمربية حين تريد أن تصل إلى أداء دور فعال في التربية والتنشئة والإصلاح والتقويم، إنها بحاجة إلى أن ترتقي أكثر في أسلوب الخطاب، ولغة التوجيه والحديث.