المؤثر الثاني: نظام التعليم المعاصر في المجتمعات المعاصرة يساهم في طول مرحلة المراهقة، وذلك أن الشاب يعيش في التعليم إلى أن يصل إلى سن الثانية والعشرين، فيعيش بعيداً عن الزواج، ونسبة ضئيلة جداً ممن يتزوج قبل أن ينتهي من الدراسة الجامعية، بل الكثير يحتاج إلى سنوات بعد إنهاء الدراسة الجامعية حتى تتيسر له أمور الزواج، ثم هو خلال هذه المرحلة وهذا السن يعتمد على أهله اعتماداً كلياً، ويعتمد على أبويه اعتماداً تاماً، بل حتى نظام التعليم يعيش فيه على التسول العلمي والفكري، ويعتمد على تلك المعلومات الجاهزة التي يقدمها له أستاذه والتي يقرؤها في الصفوف، فلا يمارس الطالب جهده في اكتشاف المادة العلمية، غاية ما يقوم به هو أن يسمع ما يقول له الأستاذ سماعاً جيداً وأن يحفظ ما في الكتاب ثم يعبر عنه بعد ذلك برمته، وهذا يولد شخصية غير مستقلة تعتمد على غيرها وتعتمد على الآخرين، ولهذا أثبتت بعض الدراسات التي أجريت في بعض المجتمعات الأخرى أن عالم المراهقة عالم آخر كما في دراسة أجراها أحمد أبو زيد على قبائل الطوارق الليبية، وذلك أن قبائل الطوارق الليبية عندهم نظام خاص حينما يبلغ الشاب أو تبلغ الفتاة سن التكليف وسن البلوغ، يقومون باحتفال ويلبس ملابس خاصة ويعامل معاملة الرجال، فلاحظ أن أزمة المراهقة تختفي بذاك المجتمع، نظراً لأنه يعامل وينظر المجتمع إليه على أنه بلغ مبلغ الرجال، وأصبح يعتمد على نفسه.
أما في مجتمعات المسلمين المعاصرة فمع نظام التعليم المعاصر ومع نظام الحياة المعاصرة صار الشاب كَلاًّ على المجتمع كلاًّ على والده لا يعتمد على نفسه ولا يتحمل مسئولية، أيضاً لا تتيسر له سبل الزواج وبناء الأسرة، لهذا تطول هذه الأزمة.