الأمر العاشر: الإيمان والتربية الإيمانية هي الحل الأمثل للكثير من المشكلات التي نعاني منها في التربية، فكثيراً ما نشكو من قسوة القلب والفجور، والجرأة عن المعاصي، فما هو الحل لذلك؟ الحل لذلك -لا شك- هو التربية الإيمانية.
وكثيراً ما نشكو ونتساءل عن الانحراف بعد الهدى، وهي ظاهرة بدأت تكثر وخاصة في هذا العصر في السنوات الأخيرة، وكثيراً ما تشاهدون أولئك الذين كانوا على خير واستقامة وصلاح ثم ضلوا وتنكبوا الطريق، ونتساءل كثيراً: ما السبب؟ ونتساءل كثيراً: ما العلاج لهذه الظاهرة؟ لا شك أن أعظم علاج وأهم علاج لمثل هذه المشكلة إنما هو الإيمان بالله تبارك وتعالى، والتربية الإيمانية، أن نربي أنفسنا على الإيمان بالله عز وجل، وأن يربى الجيل ويربى الشباب على الإيمان بالله تبارك وتعالى، ويغرس الإيمان في النفوس، حينها سنجد أن هذه الظواهر تقل وتتلاشى، كما قال هرقل لـ أبي سفيان لما سأله: هل يرتد أحد من أصحابه سخطة لدينه؟ قال: لا.
قال له: كذلك الإيمان إذا خالط بشاشة القلوب لا يفارقها أبداً.
ولما مات النبي صلى الله عليه وسلم وارتد من ارتد، كان الذين ارتدوا عامتهم من أولئك الذين قال الله عنهم:{قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ}[الحجرات:١٤]، أما السابقون الأولون أهل بدر، وأهل بيعة الرضوان الذين جاهدوا مع النبي صلى الله عليه وسلم، الذين دخل الإيمان في قلوبهم؛ فلم يرتد أحد منهم، أما الذين ارتدوا على أدبارهم فهم أولئك الذين لم يتربوا التربية الإيمانية، هم أولئك الذين قال الله عز وجل عنهم:{وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ}[الحجرات:١٤].
إذاً: هذه القضية والمشكلة التي نعاني منها إنما علاجها وحلها في التربية الإيمانية.
ومن المشكلات التي يعاني منها الكثير من الشباب أنه أذا ابتعد عن إخوانه ضعف، وربما تجرأ على المعاصي، وربما تغيرت حاله وتبدلت.
ومن المشكلات التي نشكو منها العلاقات العاطفية التي قد تكون بين الشباب أو بين الفتيات أو بين الشباب والفتيات، والتي بدأت تنتشر في المجتمع، حتى انتقلت العدوى إلى مجتمعات الصالحين والناس الأخيار.
فالمقصود -يا إخوة- أننا نعاني الآن من مشكلات تربوية كثيرة، ويتردد السؤال ويتكرر: ما الحل لهذه المشكلة، وما العلاج لتلك؟ لا شك أن الحل لكثير من هذه المشكلات هو في تعميق التربية الإيمانية، وفي تعميق الإيمان في النفوس والصلة بالله عز وجل، وهو حين نجعل الهم هماً واحداً، فنختصر الطريق على أنفسنا بدلاً من أن نذهب نعالج كل مشكلة على حدة، وهذه المشكلة حتى لو عالجناها بأي علاج بعيداً عن التربية الإيمانية سيكون علاجها مؤقتاً، علاجاً لا يتوجه إلى مصدر الداء وأساس الداء؛ لأن الإيمان هو -بإذن الله- الذي يزيل كل هذه الأدواء، وهو الذي يجعل الإنسان يختار طريق الخير والصلاح ولو صعب عليه، ويبتعد عن طريق السوء والفساد ولو هان عليه، ولو دعته إليه النفس الأمارة بالسوء.
أسأل الله عز وجل أن يزيدنا وإياكم إيماناً، وأن يحبب إلينا الإيمان في نفوسنا وقلوبنا؛ إنه سميع مجيب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.