أيضاً نجد في الحج التربية على الصبر، وتحمل المشاق، فإن طبيعة الحج فيه جهد ونصب وتعب، فإذا كان في شدة الحر يعاني الناس من الحر والتعب، وإذا كان في الجو البارد أيضاً عانى الناس، ومع الزحام يعاني الناس، كذلك الأمراض التي تنشأ عند الحجاج كالتعب الإرهاق، فقد أصبح معتاداً أن الذي يأتي من الحج يبقى أياماً وهو يعيش أثر الإجهاد والتعب، هذا النصب وهذا التعب يربي الإنسان على الصبر والتحمل، كذلك طبيعة أعمال الحج وما فيها من زحام، وما تتطلبه من مشي، وإن ركب في سيارته عاش الزحام في السيارات كل هذه المواقف تربي عند الإنسان الصبر، والناس اليوم أحوج إلى هذه المعاني وهم يعيشون حياة ترف ورفاهية، هذه الرفاهية التي عاشها الناس في بيوتهم، في مراكبهم، في تنقلاتهم، في ذهابهم، في إيابهم، حينما يذهبون إلى الحج يتعلمون هذه القيم؛ ومن أثر الرفاهية في حياة الناس اليوم أن الناس يتسابقون على الحملات التي تقدم خدمات رفاهية وخدمات مريحة، وأيضاً الحملات في رعايتها دائماً تركز على هذا الجانب في حديثها مع الناس، لكن مع ذلك سيبقى الحج يحتاج صبراً وتحملاً، سيبقى الحج فيه معاناة، والله عز وجل قد قال في كتابه:{لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الأَنفُسِ}[النحل:٧]، وحيئذ يأتي الحج يربي عند النفوس الصبر، والصبر معنى جميل؛ فإنه عندما تكلم الناس عن الصبر كل الناس يحبون الصبر، ويثنون على الصبر، ولا يوجد أحد أبداً يذم الصبر، لكن التحدي كيف أتعلم الصبر، كما قلت قبل قليل: لن نتعلم هذه الأمور من خلال مجرد الحديث عن أهميتها ولا الوصاة بها ولا التأكيد عليها، لن نتعلم هذا إلا من خلال المواقف العملية التي تربي فينا هذه القيم وتربي فينا هذه المعاني.