رابعاً: حين يفشل في ذلك كله تبدو له عقدة البحث عن الحل والعلاج: فحين يفشل المرء في الحيل السابقة ويتكرر إخفاقه مع نفسه يعمد إلى أسلوب يتصور من خلاله أنه يبحث عن الحل، بل إنه يمارس العلاج وهو يزيد الأمر تعقيداً، فهناك من يقصر في طاعة من الطاعات أو يقع في معصية من المعاصي ويفشل في مجاهدة نفسه واستنقاذها، فيعمد بعد ذلك للبحث عن العلاج، والعبارة: أنا شاب أشكو من كذا وكذا فما الحل؟ هذه العبارة كثيراً ما نراها ضمن أسئلة المحاضرات أو نقرؤها في زاوية الفتاوى والمشكلات التي تعرض في الصحف، أو نقرؤها في رسالة يحملها البريد.
إن هذا لا يعني الاعتراض على السؤال أو طرح المشكلات؛ لكن الواقع أوسع من ذلك، إنك ترى هذا الشاب يطرح السؤال في كل مناسبة ويلقيه في أكثر من لقاء، ويبقى مع ذلك في تطلع إلى الحل يبقى يثير السؤال نفسه ويطرحه؛ ولهذا ترى السؤال الذي يطرح في هذا اللقاء هو السؤال الذي يطرح في لقاء الغد وربما من الشخص نفسه وبنفس اللغة: أنا شاب أشكو من هذه المشكلة فما الحل وما العلاج وما الوسيلة؟! ومكمن الداء هنا: انصراف الشاب عن الحل الحقيقي والعمل على البحث عما وراء ذلك، فالمعصية طريقها واضح لا خفاء فيه، وما نهى الله عز وجل الإنسان إلا عما يطيق، والطاعة طريقها أبلج لا يختلف إلا على من اعوج عن الطريق، فلا يزيغ عن طريق الله عز وجل إلا هالك:{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة:٢٨٦]{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا}[الطلاق:٧].
ومع تكرار السؤال والإلحاح فيه دون جدوى يغيب عن بال الشاب أن الحل بيده وأن العلاج ببساطة هو أن يترك ما كان يفعل أو يفعل ما كان يترك وأن يجاهد نفسه على ذلك، وحين يفشل في هذا فلا يعني أن هناك عشرين خطوة نسي هو الخطوة العشرين وهي العقدة وهي السبب في عدم الوصول إلى الحل، إن مكمن الداء وأساس المشكلة هو ضعف الإيمان وضعف العزيمة والإرادة.