الجانب الرابع: التربية تستحق منا أن تبذل لها الجهود، وأن تفرغ لها الطاقات، وألا يشغلنا بريق الدعوة العامة والخطاب الجماهيري عن العناية بالتربية، مع عدم إهمالنا -كما قلت- لخطاب الجماهير، والدعوة العامة، والأمور العامة، لابد أن تتفرغ طاقات للعناية بالتربية، تأصيلاً وبحثاً وكتابة وحديثاً وعملاً وترتيباً وتطبيقاً.
ولابد أن تضحي هذه الطاقات بكثير مما يفوتها، والقضية ليست ميادين نتسابق عليها، بقدر ما هي ثغور بحاجة إلى أن نسدها، وفضيلة العمل والجهد الذي نريده ليس بكثرة الأتباع، وليس بكثرة من يسمع لك، بل نرى أننا بحاجة إلى أن نتفحص المواقع التي نحتاج إليها، ونوزع الطاقات توزيعاً متوازناً، ونريد الرجل الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم:(إن كان في الساقة كان في الساقة، وإن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الميمنة كان في الميمنة).
الإنسان الذي تضعه في موضع فيبقى في هذا الموضع، ويحرص على هذا الموضع، ولو كان يرى أن نتائجه محدودة وقليلة؛ لأنه يرى أنه موضع لابد أن يملأ، وميدان لابد أن يسد، وثغر لابد أن يقام به، وليس صحيحاً أن يكون هناك ميدان واحد، ومجال واحد هو الذي يسعى إليه الجميع.
بعد الحديث عن هذا الموضوع المهم -كما قلت- نخرج بعد بالنتيجة التي نريد أن نصل إليها، وهي أننا نحتاج لأن نربي أنفسنا، وإلى أن نربي جيلاً، وإلى أن نعتني بالتربية ونوليها عناية وأهمية.
ولك الحق بعدما سمعت هذه بضاعتي وهذه حججي وهذه مسوغاتي، فإذا كنت قد وصلت إلى قناعة تامة، وشاركتنا القناعة بضرورة التربية والحاجة إليها، فبعد ذلك ننتقل إلى الخطوة الأخرى، وإذا كان لك قناعة أخرى فأنت وشأنك، فهذا ما أريد أن أقوله في هذا الميدان.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ونترك بقية الوقت للإجابة على ما ورد من أسئلة الإخوة.