أولاً: ينبغي أن نتعامل مع الأسرة على أنها مؤسسة اجتماعية، وينبغي أن يسهم المجتمع في تعزيز دور الأسرة، وأن ننظر على مستوى المجتمع على أن قضية الأسرة ليست قضية تعني الأب والأم وحدهما، لا، ليست تعني هذا الرجل وتلك المرأة، إنما هي قضية تعني المجتمع، إن المجتمع حين يهمل الاعتناء بالأسرة، فإنه لن يجلب المخاطر على ذرية رجل وامرأة، وإنما سيجلب المخاطر إلى المجتمع بأسره، فالمجتمع حين يعتني بالأسرة وحين يعزز دور الأسرة فإنه سيختصر كثيراً من الخطوات، وسيحل كثيراً من المشكلات الاجتماعية، ولهذا فالحديث عن الأسرة ينبغي أن لا يكون مقتصراً على قطبي الأسرة وهما الأب والأم، فالأمر يعنيهما بدرجة مهمة ويعني بدرجة أهم المجتمع، المجتمع هو المسئول عن إتاحة الفرصة لبناء الأسر السليمة المستقيمة، المجتمع هو المسئول عن التحكم في العوامل والمؤثرات التي يمكن أن تقلص من دور الأسرة، ومن ثم فلترتقي أسرنا لتؤدي رسالتها التربوية لا بد أن نوسع نظرتنا إلى الأسرة، فننظر إليها على أنها مؤسسة تعني المجتمع، ومن ثم فأهل الرأي في المجتمع وأهل الفكر في المجتمع والمؤسسات التربوية والمؤسسات الاجتماعية اليوم ووسائل الإعلام ينبغي أن تضع هذا الأمر في الاعتبار: ماذا قدمت الأسرة على المستويين؛ على مستوى المطلب المحدود الذي يعني الأب والأم، وعلى مستوى مطلب المجتمع ككل؟ وحين تختار أسرة ما أن تسير على خلاف ثقافة المجتمع فإنها لا تجلب الضرر لها وحدها بل تجلب الضرر للمجتمع ككل، المجتمع الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه مثل السفينة حين يخرق فيها خرق يغرق المجتمع كله.
الأسرة التي تخرج شاباً منحرفاً طائشاً هل يقتصر العناء على هذه الأسرة وحدها، أم يتجاوز ذلك إلى المجتمع؟ الأسرة التي تخرج فتاة منحلة هل يقتصر أثر ذلك على الأسرة نفسها، أم أن ذلك يتجاوز إلى المجتمع؟ ومن ثم فالمجتمع ينبغي أن يطور نظرته، وأن يتعامل مع الأسرة ومع مؤسسات الأسرة على أنها قضية تعني أباً وأماً وتعني أيضاً المجتمع بأسره، ومن ثم فهو مسئول على أن يقدم للأسرة الإمكانات والخبرات التي تعينها على الارتقاء برسالتها، وهو مسئول عن تطوير أداء الأسرة، وهو مسئول عن حماية الأسرة من المؤثرات، ثم هو أيضاً بمؤسساته لا يسوغ له أن يتبنى أي اتجاه يهدم تأثير الأسرة، ولعله أن يأتي مزيد حديث بهذه القضية.