لا يخفى عليكم وجود شرائح متنوعة من الشباب الملتزم، ومن هذه الشرائح شريحة يجتمع فيها اتباع الهوى والحسد وتلبيس الحق بالباطل على الناس، والمؤسف أن كثيراً من هؤلاء الشباب من المغرر بهم، ويظن كما ذكرتم أنه يعمل لدين الله، ويشغل نفسه بأمور وأحداث لا فائدة من ورائها، فما السبيل في إقناع هؤلاء، بأن ما يظنون أنه حق هو باطل، أم أن من الأفضل عدم نقاشهم والخوض معهم في مثل هذه الأمور؟
الجواب
النقاش ينبغي أن يكون أولاً مع من يحترم النقاش، فمن تجد أن لديه استعداداً للنقاش والأخذ والعطاء وسماع رأي الآخرين فممكن أن تفتح معهم النقاش.
أما الإنسان الذي يناقشك ليقنعك بما عنده، وليس عنده استعداد أنه يستمع لوجهات نظر الآخرين، فإن النقاش معه لا يقسي القلب ويضيع الوقت، فينبغي ألا نضيع أوقاتنا في مثل هذا الجدل العقيم.
ولا شك أن تربية الناس على التقوى والتجرد وخشية الله تبارك وتعالى، ومراقبة الله عز وجل وإرادة وجه الله والدار الآخرة، ومحاسبة النفس والمراجعة، مدعاة أن يستفيق الإنسان من هذه الأمراض.
وهذه الأمراض من الهوى والحسد وغيرها خطورتها أنها خفية لا يتفطن إليها الإنسان، فيخيل للإنسان أن هذا العمل صالح لا معصية فيه، وأنه تقوى لله عز وجل وخشية لله تبارك وتعالى، وأنه بهذا الأمر يقوم على حراسة الدين، وعلى حماية الأمة، وهو يثير الفتنة ويصد الناس عن سبيل الله عز وجل، عافانا الله وإياكم.
أقول: حينما يكون هذا الأمر خفياً فإنه يصبح صعباً أن يتعرف الإنسان عليه، لكن حين يتقي الله ويقبل على الله عز وجل فإن الله تبارك وتعالى يعين الإنسان، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ربه تبارك وتعالى أن يريه الحق حقاً ويرزقه اتباعه، وأن يريه الباطل باطلاً ويرزقه اجتانبه.
ويقول صلى الله عليه وسلم:(اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم).
هذا الدعاء الذي يتكرر كثيراً، بل يدعو المسلم به ربه تبارك وتعالى كل يوم مرات ومرات، لأن الإنسان قد يلتبس عليه الحق بالباطل، وقد يرى الحق باطلاً والباطل حقاً.
فالعناية بإصلاح القلوب والتجرد لله عز وجل وسؤال الله تبارك وتعالى الهداية، ومحاسبة النفس والمراجعة مما يعين الإنسان بإذن الله عز وجل على تجاوز هذه الأبواب الخطيرة، والموفق والمعصوم من عصمه الله تبارك وتعالى.