أخيراً: برأ الله سبحانه وتعالى يوسف هنا، وهنا عدة أمور تدل على براءة يوسف عليه السلام: أولها: تبرئة الله سبحانه وتعالى له، وأعظم بها شاهدة! {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ}[يوسف:٢٤].
الأمر الثالث: العزيز نفسه، فإنه لما حصلت القضية قال:{يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ}[يوسف:٢٩] فهذا دليل على أن العزيز يعترف فعلاً ويرى أن يوسف بريء من هذه التهمة.
كذلك المرأة نفسها قالت:{وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ}[يوسف:٣٢] وفي الآية الأخرى: {قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَنْ نَفْسِهِ}[يوسف:٥١].
كذلك النسوة:{فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ}[يوسف:٥٠] فماذا قال النسوة؟ {قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ}[يوسف:٥١].
كذلك هو نفسه عليه السلام تبرأ من هذه التهمة:{قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي}[يوسف:٢٣].
وأخيراً قالوا: إن الشيطان أيضاً قد شهد ليوسف بالبراءة: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}[ص:٨٢ - ٨٣] والله سبحانه وتعالى: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ}[يوسف:٢٤]، فقد حكم الله ليوسف بأنه من المخلصين، والشيطان قد أخبر بأنه ليس له سلطان على هؤلاء المخلصين.