للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الموازنة بين مدح الشباب الملتزم وتوجيهه لتدارك الخطأ]

السؤال

ألا ترى أننا نبالغ كثيراً في ذكر الشباب ومدحهم وإعطائهم فوق قدرهم حتى أنهم رضوا بهذا المدح والذكر عن طلب الرفعة والمنازل العالية وحمل هم الأمة، وها نحن نرى الواقع المرير اليوم في واقع الشباب، وخاصة شباب الصحوة من انتكاسات وضلال عن هذا الطريق، وشكراً؟

الجواب

لكن يا أخي أنت لماذا لا تنظر إلا إلى هذه النظرة؟ شباب الصحوة نضعهم في قفص الاتهام دائماً، وصحيح أحياناً تدعونا الرغبة في العلاج أخطاء والغيرة، لكن يا أخي الكريم هؤلاء شباب على الأقل يعيشون في عصر أين أقرانهم؟ الشاب الذي يحبس نفسه في المسجد يحفظ القرآن من دون ما يجبره أحد، بل أحياناً بعض الناس يصده وتجده يجاهد ويسعى ويحفظ القرآن ويصحب الصالحين ويجتهد ويضحي وكل يوم يجلس في المسجد ويذهب هنا وهناك يطلب العلم وأقرانه في الشوارع وراء الشهوات، في معاكسة النساء، ويفرح أحدهم إذا حظي بالخطيئة، ويرى أنه عيب حينما يتحدث مع زملائه يكون ليس له مغامرات يشيد بها أمام زملائه، فهذا واقع هؤلاء، أما أولئك الشباب فإذا وقع من أحدهم هفوة أو زلة شعر بأنه منافق وشعر بالخطأ، فشتان بين هذا وذاك، الشاب الذي انتصر هذا الانتصار، والذي استقام أصلاً على الدين في هذا العصر وهذه في حد ذاتها منقبة لا يسوغ أن نهملها، يعني: لماذا لا ينظر إلى زاوية أخرى؟ ما أريد التفصيل حول هذه النقطة وقد سبق الحديث حولها في محاضرة سابقة بعنوان: القابضون على الجمر، نرجو يا إخوان ألا يشغلنا النقد ولا يسيطر علينا فنسحق هؤلاء الشباب ونحولهم إلى ناس لا يملكون شيئاً، وأنهم هازلون وغير جادين وليس صحيحاً أنكم ملتزمون ولا إلى آخره.

يا أخي شاب يستيقظ لصلاة الفجر وأهله لا يستيقظون للصلاة، هذا دليل على جانب الجدية، شاب حينما يقع في زملاؤه يفاخرون بالزنا والفساد واللواط، وقد يفتعل أحدهم مواقف غير صحيحة يفاخر زملاءه، وهو إذا وقعت منه هفوة أو زلة شعر بالمرارة والأسى والخوف من الله عز وجل، شتان بين الحالتين.

شباب يعيشون هموم الشهوات والأهواء والرياضة، وهو يعيش هموماً عالية كبيرة، فهذا غير هذا، مع أن الملتزمين يواجهون سخرية واستهزاء، والأعداء من اليهود والنصارى وغيرهم وظفوا كل الجهود لحربهم، الفساد اليوم الذي في العالم الإسلامي ما المستهدف به إلا الشباب، فمجرد الثبات والاستقامة خير كبير، ولماذا نتهم الشاب الملتزم إذا كان لا يقوم الليل أو كان يقصر في الرواتب أو كان لماذا نضع عليه علامة استفهام، وأن هذا ليس بجاد في التزامه؟ نعم الخاصة من طلبة العلم والدعاة ينبغي أن يجتهدوا في النوافل؛ نبالغ فنصور أن هذا دليل على أنهم غير جادين؛ وأنه التزام فيه نظر ويحتاج إلى إعادة نظر، وأرجو أن نتوازن في نقدنا وطرحنا، يعني: أتاني طلب من إحدى الأخوات قالت: أريد أن تتحدث عن أخطاء الملتزمات، قلت: مع احترامي للاقتراح أنا لا أشعر أنا بحاجة أن نتحدث عن أخطاء الملتزمات، وأخشى أن يتحول الحديث من عندنا إلى إحباط فعلاً، وأن الناس غير جادين، أنا أشعر أننا بحاجة إلى أن نبعث الأمل، وبحاجة إلى أن نبرز الوجه الآخر.