للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مقدمات بين يدي الموضوع]

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله.

أما بعد: فسيكون عنوان حديثنا هو: (سوء الفهم آفة).

مقدمة سريعة بين يدي الموضوع.

ثم سوء الفهم متى يكون آفة ومتى لا يكون آفة؟ وأخيراً: أسباب سوء الفهم.

وبعد ذلك مقترحات للعلاج.

نسمع كثيراً أن فلاناً قال كذا، وفلاناً فيه كذا، وذلك في الحكم على الأشخاص، والحكم على الكتب، والحكم على الجماعات، والحكم على المجتمعات، والحكم على الأعمال والجهود.

نسمع أحكاماً متناقضة ومتباينة، بل نسمع من يقول: إن فلاناً يقول كذا وكذا، ويعتقد كذا وكذا، فيقول الرجل بأعلى صوته: إني لا أقول كذا، إني لا أعتقد كذا، إني براء من كذا، فيقال له: كذبت، بل أنت تقول كذا، أو بعبارة أخرى: نحن أعلم منك بكلامك، وربما نحن أعلم منك بما في قلبك، ونحن أعلم منك بنيتك! إن هذا لسان حال كثير من الناس الذين يحاكمون الآخرين إلى أفهامهم، وإلى نظراتهم وقناعتهم.

ثمة ظاهرة عادية تحصل بيننا كثيراً في الاتفاق على موعد أو مناسبة، أو في نقاش قضية من القضايا، فنفترق وكل منا في ذهنه أن الاتفاق قد تم على كذا وكذا، ونختلف في الموعد، ثم يحصل النقاش والجدل، يقول أحدهما: اتفقنا على كذا، والآخر يقول: لا.

إنها مظهر من مظاهر سوء الفهم، فأحدنا قد أساء الفهم إما أنا وإما أنت، المهم أنه مظهر تقف فيه أنت أمام الشخص، فتقول له: كان الموعد في الوقت الفلاني، فيقول: لا، الموعد قبله أو بعده، ولا يوجد احتمال للكذب ولا الروغان، فهو زميلك وصديقك، وقد تكون هناك مصلحة مشتركة، فليس هناك إلا احتمال واحد هو سوء الفهم.

وحينئذٍ نحكم العقل أحياناً، ونحكم المنطق؛ لأننا نحتاج إليه، وتنتهي هذه المشكلة.

لكن سوء الفهم قد يمتد إلى ذلك، وأحياناً تنتج عنه مواقف ونتائج سلوكية أخرى، ومن ثم كان لابد من الحديث عن سوء الفهم.