ثمة أمور عدة تدل على قيمة الزواج والنكاح ومنفعته وآثاره سواء في الدنيا أو في الآخرة، منافع دينية أو منافع دنيوية، ومن ذلك أن الله عز وجل امتن على عباده بالنكاح والزواج، وهذا دليل على فضله، وأنه نعمة يمتن الله بها على عباده، وتستوجب الشكر، ومن ثم أيضاً فهي دعوة لمن لم يحصّل هذه النعمة أن يسعى إليها، فإن الله عز وجل قال في سورة الروم:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ * وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}[الروم:٢٠ - ٢١] فبعد أن امتن الله عز وجل على عباده بنعمة إيجادهم وخلقهم من تراب، امتن عليهم بعد ذلك بنعمة أخرى وهي أن جعل لهم من أنفسهم أزواجاً، ولعل في هذا التعقيب حكمة والعلم عند الله عز وجل، فإنه أخبر عن خلق الإنسان من تراب ابتداءً، ثم الآية الثانية عقّب فيها بالزواج الذي هو السبب بعد ذلك لاستمرار بقاء النوع الإنساني، فإنه لن يُخلق المرء بعد ذلك من تراب، إنما يُخلق بعد ذلك بقدرة الله عز وجل من ما ينتج عن هذا الزواج وهذا النكاح.
وأخبر الله عز وجل أنه جعل بين الزوجين المودة {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}[الروم:٢١] فأخبر الله عز وجل أنه جعل بينهم مودة، أخبر أن الزوجة سكن للزوج والزوج سكن لها، وأخبر أيضاً قال:{هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ}[البقرة:١٨٧] وأخبر أن المرأة حرث، إلى غير ذلك من الأوصاف التي وصف الله عز وجل بها النكاح، وامتن به على عباده في غير ما آية في كتابه الكريم.