للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سر وجودنا في هذه الحياة]

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله.

أسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا وإياكم ممن يستمع القول فيتبع أحسنه، وأن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح، إنه تبارك وتعالى سميع مجيب.

وبعد: فكثيراً ما نشعر أن مشكلتنا في الواقع ليست مشكلة حديث وتوجيه، وليست مشكلة علم ومعرفة، إنما تتمثل مشكلة كثير من المسلمين اليوم أنهم لا يستطيعون أن يحولوا هذا الرصيد العلمي لديهم إلى واقع وتطبيق وسلوك.

عنوان هذا الحديث: (مشكلات وحلول).

والحديث موجه لكم، ولهذا فأرى أنه مما يفرض نفسه أن تكون هذه المشكلات نابعة منكم أنتم، فيكون حديثاً عن مشكلاتكم، ويكون حديثي صدى لهمومكم وخواطركم وما تعانون منه.

ولهذا حين اقترح علي الإخوة هذا الموضوع فضلت أن أختصر في الحديث، فتكون الكلمة مختصرة بحيث يكون معظم الوقت للأسئلة والتساؤلات، على أن تصبح هذه التساؤلات جزءاً من الموضوع؛ لأنني أستطيع أن أدون قائمة من المشكلات، ثم أتحدث معكم عنها، وربما تشعرون أن هذه المشكلات تعنيكم، لكن لاشك أن هذا يختلف عما إذا كانت المشكلات صادرة منكم أنتم، وحينما يكون الحديث إجابة عن تساؤلاتكم، فتشعرون أن هذا الحديث صدى لما تفكرون فيه، ولما تعانون منه؛ ولهذا فقد اخترت أن يكون معظم الوقت للإجابة على الأسئلة التي تدور داخل هذا الإطار، وإجابة على تساؤلات معينة واستفسارات بقدر ما هو محاولة لحل بعض المشكلات التي نعاني منها أو التي نشعر أننا نعاني منها جميعاً.

ولعل ما سأتحدث عنه في بداية الحديث يشكل قاعدة لنا تحل جزءاً من كثير من المشكلات التي نعاني منها.

أول مثلاً سؤال يتبادر إلى الذهن عند أي شخص غريب مثلي أنا مثلاً يدخل الدار، قد يدخل مثلاً يتساءل، ينظر ذات الشمال يقول: هذا المبنى لمن؟ وأشعر أن المبنى الذي على يساري صالة، فسأفكر أن هذا ليس مكتباً إدارياً في الدار قطعاً، لأنه وجدت صالة واسعة معنى هذا الكلام أن هذه الصالة لابد أن تستخدم لعمل معين.

الساحة التي نجلس فيها الآن جميعاً سيعرف أي شخص يدخل أن هذه الساحة صممت لأجل أن تستخدم لأغراض معينة، يبدو لي أنا مثلاً أنها تستخدم لأنشطة رياضية، تستخدم لمثل هذه الأنشطة المسائية التي يمكن أن تجتمعوا فيها.

ولهذا يشعر كل إنسان يعيش في الحياة أن أي شيء موجود فهو موجود لحكمة، وله غرض معين، يعني لو أتانا إنسان غريب عن حياة الحاضرة، ولا يعرف أي شيء من صور الحضارة، ووجدني أتحدث أمامكم وأمامي لاقطات قد لا يستطيع أن يعرف لماذا هذه الأجهزة موجودة أمامي، لكن هو سيقول على كل حال إن هذه الأجهزة ما وجدت عبثاً، وما وجدت لأجل أن تكون حاجزاً للرؤية بين المتحدث وبعض الحضور، فلابد أنها وضعت لغرض ولحاجة معينة، ولاستخدام معين تستخدم فيه.

وهذا التساؤل دائماً نجده يأتي إلى أذهاننا في أي شيء، فالإنسان عندما يرى أمامه جهازاً جديداً، ويجد فيه أزراراً ومؤشرات، تجد أنه يتساءل لماذا هذه؟ وما هي الحاجة أن يوضع مثل هذا الشيء؟ هذا تساؤل كما قلت يقفز إلى أذهاننا دائماً في حياتنا اليومية التي نعيشها.

لكن يجب أن نطرحه نحن بشكل أكبر في قضية مهمة جداً، وهي سر وجودنا في هذه الحياة، أعني أن الإنسان يتساءل لماذا وجدت في هذه الحياة؟ لماذا وجد هذا الكون كله بما فيه من السموات السبع، والأرض والأشجار والحيوانات والكواكب والعالم الفسيح الذي نراه، لماذا وجد هذا الكون؟ ولماذا وجدت أنت؟ وما هو موقعي من هذا الكون؟ هذا تساؤل يجب أن نطرحه ونفكر فيه ونصل منه إلى نتيجة معينة.

قد تكون الإجابة بدهية، فكل إنسان حينما تسأله يقول لك: أنا وجدت وخلقت لعبادة الله عز وجل، وهذا أبسط سؤال يجب أن يجيب عليه أي مسلم، والذي لا يعرف الإجابة على هذا التساؤل سنضع علامة استفهام على دخوله في الإسلام، وعلى اعتباره من المسلمين.

هذا فيما يتعلق بخلق الإنسان، لكن بقية الكائنات المخلوقة في هذا الكون كله، لماذا وجدت ولماذا خلقت؟

الجواب

خلقت وسخرت ووجدت من أجل الإنسان نفسه: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة:٢٩]، {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} [الجاثية:١٣].

فكل ما في السماوات وما في الأرض من كائنات ومن هذا العالم الذي لا نستطيع أن ندرك أسراره، خلق وسخر من أجل هذا الإنسان، وهذا الإنسان خلق من أجل عبادة الله تبارك وتعالى.