وفي المقابل الشاب الآخر الملتزم المستقيم هو الآخر عرضة لآفة تنشأ عن هذه القطيعة، وآفة تنشأ عن هذه الهوة المفتعلة، وهي الاستكبار والاستعلاء، والشعور بالعلو، واحتقار ذاك الذي يقع في المعصية، ويخشى أن يكون كأحد صاحبي بني إسرائيل الذي كان مطيعاً لله عز وجل، ومقبلاً على الله سبحانه وتعالى، وكان صاحبه مفرطاً، ومهملاً لنفسه، فكان يدعوه إلى ترك المعصية، ويدعوه إلى الاستقامة، وإلى الصلاح.
ونتيجة لأن هذه الدعوة الملحة قد طالت دون نتيجة، قال له صاحبه:(ما لك ولي، دعني وربي.
فقال: والله لا يغفر الله لك، فقال الله عز وجل: من ذا الذي يتألى علي، قد غفرت له، وأحبطت عملك!).
معشر الشباب الكرام! آفة عرضة لأن يقع فيها الشاب الملتزم، حين يرى نفسه قد سلك الاستقامة والخير، وانتصر على شهواته ورغباته، في حين يرى صاحبه غارقاً في أوحال المعصية والرذيلة، فحين يراه كذلك فإن هذا مدعاة لأن يفكر في أنه أعلى قدراً وشأناً، وأن يفكر أنه أعظم منزلة عند الله عز وجل، وأن يعجب بعمله، وهذا الأمر مدعاة لإحباط العمل وبطلانه كما أخبرنا صلى الله عليه وسلم.
بل أول معصية نشأت إنما نشأت من الكبر والعجب ممن قال:{خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ}[الأعراف:١٢].