وهناك أسلوب ثالث: أسلوب التبرير، أن نلتمس الأعذار فنرى أنه ليس هناك شخص بعينه يمكن أن نحمله المسئولية لكن ثمة أعذار كانت هي السبب وراء وقوعنا في ذلك، ففلان الذي وقع في المعصية والانحراف! يرى أنه مسئول عن نفسه، ويرى أن والده أو قريبه أو مربيه لا يتحمل المسئولية، ولكن من جهة أخرى: يرى أنه عاش في عصر بدت أمامه الفتن لا يستطيع دفعها يرى أنه عاش في مرحلة أو فترة لم يستطع فيها أن ينتصر على تلك الفتن التي واجهته فهو معذور! أو فلان الذي لا يستيقظ للصلاة مثلاً: يرى أنه ثقيل النوم يرى أن هناك سبباً من الأسباب يمنعه من الاستيقاظ للصلاة! والآخر الذي يمتنع عن مجال من مجالات الدعوة هو الآخر يفترض ويفتعل أمامه مفاتن يخشى أن تترتب على عمله، ويرى أنه لا ينبغي أن ينزل إلى الواقع لا ينبغي أن ينزل إلى الميدان وهكذا يفتعل أعذاراً وأوهاماً يرى أنها عذراً له عن قعوده وتخليه، والعذر الأول والأخير لو كان صريحاً وصادقاً مع نفسه هو الكسل، وليس غير الكسل.
وحين يفشل الفرد في الإسقاط فلا يجد من يحمله المسئولية ويفشل في التبرير لعمله يسلك أسلوباً ثالثاً: أن يتهرب من التفكير في المشكلة أصلاً: فهو حين يبدأ جلسة صريحة يحاسب فيها نفسه، فحينئذ يكتشف أنه يتحمل المسئولية بنسبة (١٠٠%) كما يقال، ولم يجد من يحمله المسئولية، ولم يجد عذراً لنفسه يكتشف بعد فترة أنه صار يفكر في موضوع آخر وانساق به التفكير إلى موضوع آخر ونسي القضية الأساس، فما السبب؟ هو دون شعور يتهرب من التفكير في مشكلته وإذا أردت أن تتأكد فأمسك بأي إنسان تراه في الشارع من الناس المعرضين، بل دون ذلك أمسك بإنسان من الصالحين الأخيار الذي تراهم يقعون في أي خطأ من الأخطاء وقل له: أسألك بالله أن تجلس نصف ساعة فتفكر في نفسك، تجده لا يطيق ذلك فلا يطيق أن يفكر في نفسه، بل يتهرب من التفكير.
وحتى حين يجلس عازماً على التفكير في نفسه يتهرب فتصده نفسه، لأنه لو فكر في نفسه تفكيراً صادقاً صريحاً لتوصل إلى نتيجة لا مجال للمجادلة فيها أنه هو يتحمل المسئولية فحينئذ تؤنبه نفسه، ويلومه ضميره، وهو لا يستطيع أن يتحمل هذا التأنيب وهذا اللوم، فيختصر الطريق من أوله وينصرف عن التفكير في نفسه وفي مشكلاتها أصلاً.